به وقيل: تم الكلام عند قوله: ثم تتفكروا أي في السموات والأرض فتعلموا أنه خالقها واحد لا شريك له ثم ابتدأ فقال ما بصاحبكم من جنة إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ
أي على تبليغ الرسالة مِنْ أَجْرٍ أي جعل فَهُوَ لَكُمْ أي لم أسألكم شيئا إِنْ أَجْرِيَ أي ثوابي إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ أي يأتي بالوحي من السماء فيقذفه إلى الأنبياء عَلَّامُ الْغُيُوبِ أي خفيات الأمور قُلْ جاءَ الْحَقُّ أي القرآن والإسلام وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ أي ذهب الباطل وزهق فلم تبق منه بقية تبدئ شيئا أو تعيده وقيل الباطل هو إبليس والمعنى لا يخلق إبليس أحدا ابتداء ولا يبعثه إذا مات وقيل الباطل الأصنام.
قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك فقال الله تعالى قل إن ضللت فيما تزعمون أنتم فإنما أضل على نفسي أي إثم ضلالتي على نفسي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي أي في القرآن والحكمة إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ قوله عز وجل وَلَوْ تَرى أي يا محمد إِذْ فَزِعُوا أي عند البعث أي حين يخرجون من قبورهم وقيل عند الموت فَلا فَوْتَ أي لا يفوتوننا ولا نجاة لهم وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ قيل من تحت أقدامهم، وقيل أخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها وحيثما كانوا فإنهم من الله قريب لا يفوتونه، ولا يعجزونه وقيل: من مكان قريب يعني عذاب الدنيا وهو القتل يوم بدر وقيل: هو خسف بالبيداء ومعنى الآية ولو ترى إذ فزعوا لرأيت أمرا تعتبر به وَقالُوا آمَنَّا بِهِ أي حين عاينوا العذاب قيل هو عند اليأس وقيل هو عند البعث وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ أي التناول والمعنى كيف لهم تناول ما بعد عنهم وهو الإيمان والتوبة وقد كان قريبا منهم في الدنيا فضيعوه وقال ابن عباس يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي من الآخرة إلى الدنيا وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أي القرآن وقيل بمحمد صلّى الله عليه وسلّم من قبل أن يعاينوا العذاب وأهوال القيامة وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ قيل هو الظن لأن علمه غاب عنهم والمكان البعيد بعدهم عن علم ما يقولون، والمعنى يرمون محمدا صلّى الله عليه وسلّم بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون وهو قولهم إنه شاعر ساحر كاهن لا علم له بذلك وقيل يرجمون بالظن يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ أي الإيمان والتوبة والرجوع إلى الدنيا ونعيمها وزهرتها كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ أي بنظرائهم ومن كان على مثل حالهم من الكفار مِنْ قَبْلُ أي لم تقبل منهم التوبة في وقت اليأس إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ أي من البعث ونزول العذاب بهم مُرِيبٍ أي موقع الريبة والتهمة، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.