قوله عز وجل: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ يعني عند قيام السّاعة وهي من علاماتها وَأَذِنَتْ لِرَبِّها أي سمعت أمر ربها بالانشقاق، وأطاعته من الأذن وهو الاستماع وَحُقَّتْ أي حق لها أن تطيع أمر ربها وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ يعني مد الأديم العكاظي وزيد في سعتها، وقيل سويت فلا يبقى فيها بناء ولا جبل وَأَلْقَتْ ما فِيها أي أخرجت ما في بطنها من الموتى والكنوز وَتَخَلَّتْ أي من ذلك الذي كان في بطنها من الموتى والكنوز وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ واختلفوا في جواب إذا فقيل جوابه محذوف تقديره إذا كان هذه الأشياء يرى الإنسان الثواب أو العقاب، وقيل جوابه يا أيّها الإنسان إنك كادح والمعنى إذا انشقت السّماء لقي كل كادح ما عمله وقيل جوابه وأذنت وحينئذ تكون الواو زائدة يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً أي ساع إليه في عملك سعيا والكدح عمل الإنسان وجهده في الأمرين الخير والشّر، وقيل معناه عامل لربك عملا وقيل معناه إنك كادح في لقاء ربك وهو الموت، والمعنى أن هذا الكدح يستمر بك إلى الموت، وقيل معناه إنك تكدح في دنياك كدحا تصير به إلى ربك. فَمُلاقِيهِ أي فملاق جزاء عملك.
فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً سوف من الله واجب والحساب اليسير هو أن تعرض عليه أعماله، فيعرف بالطاعة، والمعصية ثم يثاب على الطاعة، ويتجاوز له عن المعصية فهذا هو الحساب اليسير لأنه لا شدة فيه على صاحبه، ولا مناقشة ولا يقال له لم فعلت هذا ولا يطالب بالعذر فيه، ولا الحجة عليه فإنه متى طولب بذلك لم يجد عذرا، ولا حجة فيفتضح (ق) عن ابن أبي مليكة أن عائشة كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من حوسب عذب قال: فقلت، أو ليس يقول الله عز وجل فسوف يحاسب حسابا