قوله عز وجل: عَمَّ أصله عن ما يَتَساءَلُونَ عن أي شيء يتساءلون يعني المشركين ولفظه استفهام، ومعناه التفخيم كقولك، أي شيء زيد إذا عظمت شأنه، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما دعاهم إلى التوحيد، وأخبرهم بالبعث بعد الموت، وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون فيما بينهم فيقول بعضهم لبعض ماذا جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم ثم ذكر عما ذا تساؤلهم فقال تعالى: عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ يعني الخبر العظيم الشأن قال الأكثرون هو القرآن، وقيل هو البعث وقيل نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وما جاء به الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ فمن فسر النبأ العظيم بالقرآن قال اختلافهم فيه هو قولهم إنه سحر أو شعر أو كهانة أو نحو ذلك مما قالوه في القرآن، ومن فسر النبأ العظيم بالبعث قال اختلافهم فيه فمن مصدق به، وهم المؤمنون ومن مكذب به، وهم الكافرون ومن فسره بنبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم قال اختلافهم فيه كاختلافهم في القرآن كَلَّا هي ردع وزجر وقيل هي نفي لاختلافهم، والمعنى ليس الأمر كما قالوا سَيَعْلَمُونَ أي عاقبة تكذيبهم حين ينكشف الأمر يعني في القيامة ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ وعيد على أثر وعيد، وقيل معناه كلا سيعلمون يعني الكافرين عاقبة تكذيبهم وكفرهم ثم كلا سيعلمون يعني المؤمنين عاقبة تصديقهم وإيمانهم ثم ذكر أشياء من عجائب صنائعه ليستدلوا بذلك على توحيده، ويعلموا أنه قادر على إيجاد العالم وفنائه بعد إيجاده وإيجاده مرة أخرى للبعث والحساب، والثواب، والعقاب فقال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً أي فراشا وبساطا لتستقر عليها الأقدام وَالْجِبالَ أَوْتاداً يعني للأرض حتى لا تميد وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً يعني أصنافا ذكورا وإناثا.
وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أي راحة لأبدانكم وليس الغرض أن السبات للراحة بل المقصود منه أن النوم يقطع التعب ويزيله، ومع ذلك تحصل الراحة، وأصل السبت القطع، ومعناه أن النوم يقطع عن الحركة والتصرف في