للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصنام بالزعفران فإذا جف جاء الذباب فاستلبه منه. وقيل: كانوا يضعون الطعام بين أيدي الأصنام فيقع الذباب عليه ويأكل منه ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ قال ابن عباس الطالب الذباب يطلب ما يسلب من الطيب الذي على الصنم والمطلوب هو الصنم وقيل الطالب الصنم والمطلوب الذباب أي لو طلب الصنم أو يخلق الذباب لعجز عنه وقيل الطالب عابد الصنم والمطلوب هو الصنم ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ يعني ما عظموه حق عظمته وما عرفوه حق معرفته ولا وصفوه حق صفته حيث أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصف منه إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ يعني غالب لا يقهر. قوله عزّ وجلّ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ يعني يختار من الملائكة رُسُلًا جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وغيرهم وَمِنَ النَّاسِ يعني يختار الله من الناس رسلا مثل إبراهيم وعيسى ومحمد وغيرهم من الأنبياء والرسل صلّى الله عليهم أجمعين. نزلت حين قال المشركون أأنزل عليه الذكر من بيننا فأخبر الله تعالى أن الاختيار إليه يختار من يشاء من عباده لرسالته إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ يعني بأقوالهم بَصِيرٌ يعني لأفعالهم لا تخفى عليه خافية. قوله تعالى يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قال ابن عباس: ما قدموا وَما خَلْفَهُمْ يعني ما خلفوا وقيل يعلم ما عملوا ما هم عاملون وقيل يعلم ما بين أيدي ملائكته ورسله قبل أن يخلقهم ويعلم ما هو كائن بعد فنائهم وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ يعني في الآخرة. قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا يعني صلوا لأن الصلاة لا تكون إلا بالركوع والسجود وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ يعني وحدوه وقيل أخلصوا له العبادة وَافْعَلُوا الْخَيْرَ قال ابن عباس: صلة الأرحام ومكارم الأخلاق وقيل فعل الخير ينقسم إلى خدمة المعبود الذي هو عبارة عن التعظيم لأمر الله تعالى وإلى الإحسان الذي هو عبارة عن الشفقة على خلق الله ويدخل فيه البر والمعروف والصدقة وحسن القول وغير ذلك من أعمال البر لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يعني لكي تسعدوا وتفوزوا بالجنة.

[فصل: في حكم سجود التلاوة هنا]

لم يختلف العلماء في السجدة الأولى من هذه السورة واختلفوا في السجدة الثانية فروي عن عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى أنهم قالوا في الحج سجدتان وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، يدل عليه ما روي عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله في الحج سجدتان قال:

«نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» أخرجه الترمذي وأبو داود. وعن عمر بن الخطاب أنه قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين وقال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين. أخرجه مالك في الموطأ وذهب قوم إلى أنّ في الحج سجدة واحدة وهي الأولى وليس هذه بسجدة وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وسفيان الثوري وأبي حنيفة ومالك بدليل أنه قرن السجود بالركوع فدل ذلك أنها سجدة صلاة لا سجدة تلاوة واختلف العلماء في عدة سجود التلاوة. فذهب الشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم إلى أنها أربع عشرة سجدة لكن الشافعي قال في الحج سجدتان وأسقط سجدة ص. وقال أبو حنيفة في الحج سجدة وأثبت سجدة ص وبه قال أحمد في إحدى الروايتين عنه فعنده أن السجدات خمس عشرة سجدة. وذهب قوم إلى أن المفصل ليس فيه سجود يروى ذلك عن أبيّ بن كعب وابن عباس وبه قال مالك فعلى هذا يكون سجود القرآن إحدى عشرة سجدة يدل عليه ما روي عن أبي الدرداء أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «في القرآن إحدى عشرة سجدة» أخرجه أبو داود وقال إسناده واه.

ودليل من قال في القرآن خمس عشرة سجدة ما روي عن عمرو بن العاص قال: أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في القرآن خمس عشرة سجدة منها ثلاث في المفصل وفي سورة الحج سجدتان. أخرجه أبو داود وصح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «سجدنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في اقرأ وإذا السماء انشقت». أخرجه مسلم وسجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع. وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة هو واجب. قوله عزّ وجلّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>