للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أضمروا عليه ولو علمت ما صليت معهم فيه وكنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا شيوخا لا يقرءون فصليت بهم ولا أحسب إلا أنهم يتقربون إلى الله ولو أعلم ما في أنفسهم فعذره عمر فصدقه وأمره بالصلاة في مسجد قباء.

قال عطاء: لما فتح الله على عمر بن الخطاب الأمصار أمر المسلمين أن يبنوا المساجد وأمرهم أن لا يبنوا في موضع واحد مسجدين يضار أحدهما الآخر وقوله سبحانه وتعالى:

[[سورة التوبة (٩): آية ١٠٨]]

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)

لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً قال ابن عباس: معناه لا تصلّ فيه أبدا منع الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي في مسجد الضرار لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى اللام فيه لام الابتداء. وقيل: لام القسم تقديره والله مسجد أسس يعني بني أصله ووضع أساسه على التقوى يعني على تقوى الله عز وجل مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يعني من أول يوم بني ووضع أساسه كان ذلك البناء على التقوى أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ يعني مصليا واختلفوا في المسجد الذي أسس على التقوى فقال عمر وزيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مسجد المدينة ويدل عليه ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت يا رسول الله أي المسجدين أسس على التقوى؟ قال فأخذ كفا من حصى فضرب به الأرض ثم قال: هو مسجدكم هذا مسجد المدينة» أخرجه مسلم (ق).

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي» (ق) عن عبد الله بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن قوائم منبري هذا رواتب في الجنة» أخرجه النسائي قوله رواتب يعني: ثوابت. يقال: رتب بالمكان إذا قام فيه وثبت. وفي رواية عن ابن عباس وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير وقتادة أنه مسجد قباء ويدل عليه سياق الآية وهو قوله سبحانه وتعالى: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ويدل على أنهم أهل قباء ما روي عن أبي هريرة «قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين قال كانوا يستنجون بالماء فنزلت هذه الآية فيهم» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث غريب.

هكذا ذكره صاحب جامع الأصول من رواية أبي داود والترمذي موقوفا على أبي هريرة ورواه البغوي من طريق أبي داود مرفوعا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية ومما يدل على فضل مسجد قباء ما روي عن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قباء أو يأتي قباء راكبا وماشيا» زاد في رواية فيصلي فيه ركعتين وفي رواية «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان ابن عمر يفعله» أخرج الرواية الأولى والزيادة البخاري ومسلم وأخرج الرواية الثانية البخاري عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من خرج حتى يأتي هذا المسجد مسجد قباء فيصلي فيه كان له كعدل عمرة» أخرجه النسائي عن أسد بن ظهير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة في مسجد قباء كعمرة» أخرجه الترمذي.

وقوله سبحانه وتعالى: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا يعني من الأحداث والجنابات وسائر النجاسات وهذا قول أكثر المفسرين. قال عطاء: ولما كانوا يستنجون بالماء ولا ينامون بالليل على الجنابة وروى الطبري بسنده عن عويمر بن ساعدة وكان من أهل بدر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء «إني أسمع الله عز وجل قد أحسن عليكم الثناء في الطهور فما هذا الطهور» قالوا: يا رسول الله ما نعمل شيئا إلا أن جيرانا لنا من اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>