للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القول والفعل عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط» أخرجه الترمذي وعند أبي داود «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» وعن عائشة قالت «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم فيعدل فيقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وقوله تعالى: فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ يعني فتدعوا الأخرى التي لا تميلون إليها كالمعلقة لا أيما ولا ذات بعل كالشيء المعلق لا هو في السماء ولا على الأرض.

وقيل معناه فتذروها كالمسجونة لا هي مخلصة فتتزوج ولا هي ذات بعل فيحسن إليها وَإِنْ تُصْلِحُوا يعني بالعدل في القسم وَتَتَّقُوا يعني الجور في القسم فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً يعني لما حصل من الميل إلى بعضهن دون بعض رَحِيماً يعني بكم حيث لم يكلفكم ما لا تقدرون عليه وَإِنْ يَتَفَرَّقا يعني إن لم يصطلحا وأرادا الفرقة يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ يعني من فضله ورزقه والمعنى يغني الزوج بامرأة أخرى والمرأة بزوج آخر. وقيل معناه يعوض الزوج بما يحب والمرأة بما تحب ويوسع عليهما وفي هذا تسلية لكل واحد من الزوجين بعد الطلاق وَكانَ اللَّهُ واسِعاً يعني واسع الفضل والرحمة وقيل واسع القدرة والعلم والرزق وقيل هو الغني الذي وسع جميع مخلوقاته غناه حَكِيماً يعني فيما أمر به ونهى عنه.

(فصل فيما يتعلق بحكم الآية) وجملته أن الرجل إذا كان تحته امرأتان أو أكثر يجب عليه التسوية بينهن في القسم فإن ترك التسوية بينهن في فعل القسم عصى الله عز وجل في ذلك وعليه القضاء للمظلومة والتسوية شرك في البيتوتة أما في الجماع فلا لأن ذلك يدور على النشاط وميل القلب وليس ذلك إليه ولو كان في نكاحه حرة وأمة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة واحدة. وإذا تزوج جديدة على قديمات كن عنده فإنه يخص الجديدة بأن يبيت عندها سبع ليال إن كانت الجديدة بكرا وإن كانت ثيبا خصها بثلاث ليال ثم إنه يستأنف القسم ويسوي بينهن ولا يجب عليه قضاء عوض هذه الليالي للقديمات ويدل على ذلك ما روى أبو قلابة عن أنس قال: «من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا وقسم» قال أبو قلابة ولو شئت لقلت إن أنسا رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أخرجاه في الصحيحين. وإذا سافر الرجل إلى سفر حاجة جاز له أن يحمل معه بعض نسائه بشرط أن يقرع بينهن ولا يجب عليه أن يقضي للباقيات عوض مدة سفره وإن طالت إذا لم يزد مقامه في البلد على مدة المسافرين ويدل على ذلك ما روي عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه». أخرجه البخاري مع زيادة فيه. وإذا أراد الرجل سفر نقلة وجب عليه أخذ نسائه معه. قوله تعالى:

[سورة النساء (٤): الآيات ١٣١ الى ١٣٣]

وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (١٣٢) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (١٣٣)

وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يعني عبيدا وملكا قال أهل المعاني لما ذكر الله تعالى أنه يغني من سعته وفضله أشار إلى ما يوجب الرغبة إليه في طلب الخير منه لأن من ملك السموات والأرض لا تفنى خزائنه وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعني من اليهود والنصارى وأصحاب الكتب القديمة وَإِيَّاكُمْ يعني ووصيناكم يا أهل القرآن في كتابكم أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ أي بأن تتقوا الله وهو أن توحدوه وتطيعوه وتحذروه ولا تخالفوا أمره والمعنى أن الأمر بتقوى الله شريعة قديمة أوصى الله بها جميع الأمم السالفة في كتبهم وَإِنْ تَكْفُرُوا يعني وإن تجحدوا ما أوصاكم به فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يعني فإن لله ملائكة في

<<  <  ج: ص:  >  >>