وتريدون وتتمنون أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ والمعنى: وتتمنون أن العير التي ليس فيها قتال ولا شوكة تكون لكم والشوكة الشدة والقوة ويقال السلاح وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ أي يظهر الحق ويعليه بِكَلِماتِهِ يعني بأمره إياكم بالقتال وقيل بعداته التي سبقت لكم من إظهار الدين وإعزازه وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ أي ويستأصلهم حتى لا يبقى منهم أحد.
لِيُحِقَّ الْحَقَّ يعني ليثبت الإسلام وَيُبْطِلَ الْباطِلَ يعني وينفي الكفر وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ يعني المشركين وفي الآية سؤالان: الأول: أن قوله ويريد الله أن يحق الحق ثم قال بعده ليحق الحق تكرير فما معناه؟.
والجواب أنه ليس فيه تكرير لأن المراد بالأول تثبيت ما وعد في هذه الواقعة من النصر والظفر بالأعداء والمراد بالثاني: تقوية القرآن والدين وإظهار منار الشريعة لأن الذي وقع يوم بدر من نصر المؤمنين مع قلتهم وقهر الكافرين مع كثرتهم كان سبب لإعزاز الدين وقوته ولهذا السبب قرنه بقوله ويبطل الباطل يعني الذي هو الشرك.
السؤال الثاني: الحق حق لذاته والباطل باطل لذاته فما المراد من تحقيق الحق وإبطال الباطل.
والجواب: إن المراد من تحقيق الحق إظهار كون ذلك الحق حقا والمراد من إبطال ذلك الباطل إظهار كون ذلك الباطل باطلا وذلك بإظهار دلائل الحق وتقويته. وقمع رؤساء الباطل وقهرهم.
قوله عز وجل: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ أي واذكر يا محمد إذ تستجيرون بربكم من عدوكم وتطلبون منه الغوث والنصر وفي المستغيثين قولان أحدهما أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه قاله الزهري والقول الثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده وإنما ذكره بلفظ الجمع على سبيل التعظيم له (م) عن ابن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال: «لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يده فجعل يهتف بربه يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل إذ تستغيثون ربكم فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ فأمده الله بالملائكة. قال سماك: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه خر مستلقيا فنظر إليه فإذا قد حطم أنفه وشق وجهه كضربة السيف فأحصى ذلك أجمع وجاء فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة. فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين وقوله سبحانه وتعالى فاستجاب لكم، يعني فأجاب دعاءكم أني ممدكم أصله بأني ممدكم أي مرسل إليكم مددا ورداء لكم بألف من الملائكة مردفين، يعني: يردف بعضهم بعضا بمعنى يتبع بعضهم بعضا. روي أنه نزل جبريل عليه السلام في خمسمائة وميكائيل عليه السلام في خمسمائة في صور الرجال على خيل بلق عليهم ثياب بيض وعمائم بيض قد أرخوها بين أكتافهم. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ناشد ربه وقال أبو بكر إن الله سينجز لك ما وعدك خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال: يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل أخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع (خ).
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر:«هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب» يعني آلة الحرب قال ابن عباس: كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض ويوم حنين عمائم خضر ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى