الآية وتلا ابن عباس: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا وقال ابن عباس سألهم رسول صلّى الله عليه وسلّم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا إليه بذلك وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه بِما أَتَوْا يعني يفرحون بما فعلوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا أي ويحبون أن يحمدهم الناس على شيء لم يفعلوه قيل عنى بذلك قوما من أحبار اليهود كانوا يفرحون بإضلالهم الناس ونسبة الناس إياهم إلى العلم قال ابن عباس: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إلى قوله وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني فنحاص وأسبيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أي بقول الناس لهم علماء وليسوا بأهل علم. وقيل هم اليهود فرحوا باجتماع كلمتهم على تكذيب محمد صلّى الله عليه وسلّم. وذلك أنهم كتبوا إلى يهود العراق والشام واليمن ومن يبلغهم كتابهم من اليهود في الأرض كلها أن محمدا ليس بنبي فاثبتوا على دينكم فاجتمعت كلمتهم على الكفر ففرحوا بذلك، وقالوا: نحن أهل الصوم والصلاة وأحبوا أن يحمدوا على ذلك.
وقيل فرحوا بما أتوا من تبديلهم التوراة وأحبوا أن يحمدهم الناس على ذلك. وقيل أن يهود خبير أتت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا نحن نعرفك ونصدقك وقالوا لأصحابه نحن على رأيكم نحن لكم ردء وليس ذلك في قلوبهم وأحبوا أن يحمدهم النبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون على ذلك فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ أي فلا تظنهم بمنجاة من العذاب الذي أعده الله لهم في الدنيا من القتل والأسر وضرب الجزية والذلة والصغار وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني في الآخرة وهذه الآية وإن كانت قد نزلت في اليهود أو المنافقين خاصة فإن حكمها عام في كل من أحب أن يحمد بما لم يفعل من الخير والصلاح أو ينسب إلى العلم وليس هو كذلك. قوله عز وجل:
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني أنه تعالى مالك لما فيهما جميعا يتصرف فيه كيف يشاء وفيه تكذيب لمن قال إن الله فقير ونحن أغنياء يقول الله عز وجل: إن من له جميع ما حوته السموات والأرض من شيء كيف يكون فقيرا وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يعني أنه تعالى قادر على تعجيل العقوبة لهم على ذلك القول لكنه تفضل على خلقه بإمهالهم. قوله عز وجل:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ قال ابن عباس إن أهل مكة سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يأتيهم بآية فنزلت هذه الآية والمعنى تفكروا واعتبروا أيها الناس فيما خلقته وأنشأته من السموات والأرض لمعاشكم وأرزاقكم وفيما عقبت من ذلك بين الليل والنهار، واختلافهما في الطول والقصر، فجعلتهما يختلفان ويعتقبان عليكم لكي تتصرفوا فيهما لمعاشكم تطلبون أرزاقكم في النهار وتسكنون في الليل لراحة أجسادكم، فاعتبروا وتفكروا يا أولي الألباب يعني يا ذوي العقول الصافية. يعني الذين يفتحون بصائرهم للنظر والاستدلال. والاعتبار لا ينظرون إليهما نظر البهائم غافلين عما فيهما من عجائب مخلوقاته وغرائب مبتدعاته (ق) عن ابن عباس أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته قال: فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فطرحت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسادة فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأهله في طولها فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر آيات الخواتيم من سورة آل عمران. ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي. قال عبد الله بن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده اليمنى إلى رأسي وأخذ بأذني ففتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاء