وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ أي الاحتلام يريد الأحرار الذين بلغوا فَلْيَسْتَأْذِنُوا أي يستأذنوا في جميع الأوقات في الدخول عليكم كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي الأحرار الكبار كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ أي دلالته وقيل أحكامه وَاللَّهُ عَلِيمٌ أي بأمور خلقه حَكِيمٌ بما دبر وشرع قال سعيد بن المسيب: يستأذن الرجل على أمه فإنما أنزلت هذه الآية في ذلك، وسئل حذيفة أيستأذن الرجل على والدته قال نعم إن لم تفعل رأيت منها ما تكره قوله وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ يعني اللاتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر فلا يلدن ولا يحضن اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً أي لا يردن الأزواج لكبرهن، وقيل: هن العجائز اللواتي إذا رآهن الرجال استقذروهن فأما من كانت فيها بقية جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في حكم هذه الآية فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ أي عند الرجال والمعنى بعض ثيابهن وهو الجلباب والرداء الذي فوق الثياب، والقناع الذي فوق الخمار فأما الخمار فلا يجوز وضعه غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ أي من غير أن يردن بوضع الجلباب والرداء إظهار زينتهن. والتبرج هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما يجب عليها أن تستره وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ أي فلا يلقين الجلباب ولا الرداء خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ قوله عز وجل لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ اختلف العلماء في هذه الآية فقال ابن عباس: لما أنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى، والزمنى والعمى والعرج وقالوا الطعام أفضل الأموال وقد نهانا الله عز وجل عن أكل الأموال بالباطل، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب والأعرج لا يتمكن من الجلوس، ولا يستطيع المزاحمة على الطعام والمريض يضعف عن التناول فلا يستوفي من الطعام حقه فأنزل الله هذه الآية فعلى هذا التأويل يكون على بمعنى في أي ليس في الأعمى، والمعنى ليس عليكم في مؤاكلة الأعمى والمريض والأعرج حرج وقيل كان العميان والعرجان والمرضى يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء لأن الناس يقذرونهم ويكرهون مؤاكلتهم، وكان الأعمى يقول ربما آكل أكثر من ذلك ويقول الأعرج والأعمى ربما أجلس مكان اثنين فنزلت هذه الآية، وقيل:
نزلت ترخيصا لهؤلاء في الأكل من بيوت من سماهم الله في باقي الآية، وذلك أن هؤلاء كانوا يدخلون على الرجل في طلب الطعام فإذا لم يكن عنده شيء، ذهب بهم إلى بيت أبيه أو بيت أمه أو بعض من سمى الله تعالى فكان أهل الزمانة يتحرجون من ذلك، ويقولون ذهب بنا إلى غير بيته فأنزل الله هذا الآية وقيل: كان المسلمون إذا غزوا دفعوا مفاتيح بيوتهم إلى الزمنى ويقولون لهم قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون لا ندخلها وأصحابها غيب فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم وقيل نزلت رخصة لهؤلاء في التخلف عن الجهاد فعلى هذا تم الكلام عند قوله وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وقوله تعالى وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ كلام مستأنف قيل لما نزلت وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ قالوا: لا يحل لأحد منا أن يأكل من