يمكرون بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، وما يعلنون يعني، وما يظهرون من إيذائه فأخبرهم الله عز وجل أنه عالم بكل أحوالهم سرها وعلانيتها لا تخفى عليه خافية وإن
دقت وخفيت، وقيل: إن الله سبحانه تعالى لما ذكر الأصنام وذكر عجزها في الآية المتقدمة ذكر في هذه الآية أن الإله الذي يستحق العبادة، يجب أن يكون عالما بكل المعلومات سرها وعلانيتها، وهذه الأصنام ليست كذلك فلا تستحق العبادة ثم وصف الله هذه الأصنام بصفات فقال تعالى وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني الأصنام التي تدعونها آلهة من دون الله لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ فإن قلت: قوله سبحانه وتعالى في الآية المتقدمة أفمن يخلق كمن لا يخلق، يدل على أن هذه الأصنام لا تخلق شيئا فقوله سبحانه وتعالى: لا يخلقون شيئا وهم يخلقون هذا هو نفس المعنى المذكور في تلك الآية فما فائدة التكرار؟ قلت: فائدته أن المعنى المذكور في الآية المتقدمة أنهم لا يخلقون شيئا فقط والمذكور في هذه الآية أنهم لا يخلقون شيئا وإنهم مخلوقون كغيرهم، فكان هذا زيادة في المعنى وهو فائدة التكرار أَمْواتٌ أي جمادات ميتة لا حياة فيها غَيْرُ أَحْياءٍ يعني كغيرها، والمعنى لو كانت هذه الأصنام آلهة كما تزعمون لكانت أحياء غير جائز عليها الموت لأن الإله الذي يستحق أن يعبد هو الحي الذي لا يموت وهذه أموات غير أحياء، فلا تستحق العبادة فمن عبدها فقد وضع العبادة في غير موضعها. وقوله وَما يَشْعُرُونَ يعني هذه الأصنام أَيَّانَ يُبْعَثُونَ يعني متى يبعثون وفيه دليل على أن الأصنام تجعل فيها الحياة، وتبعث يوم القيامة حتى تتبرأ من عابديها. وقيل: معناه ما يدري الكفار الذين عبدوا الأصنام متى يبعثون. قوله سبحانه وتعالى إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ يعني أن الذي يستحق العبادة هو إله واحد، وهذه أصنام متعددة فكيف تستحق العبادة فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ يعني جاحدة لهذا المعنى وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ يعني عن اتباع الحق لأن الحق إذا تبين كان تركه تكبرا لا جَرَمَ يعني حقا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ يعني عن اتباع الحق (م) عن ابن مسعود أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا وفعله حسنا قال: «إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق، وغمط الناس» قوله بطر الحق هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده، وعبادته باطلا وهذا على قول من جعل أصل البطر من الباطل، ومن جعله من الحيرة فمعناه يتحير عند سماء الحق فلا يقبله، ولا يجعله حقا، وقيل: البطر التكبر يعني أنه يتكبر عند سماع الحق فلا يقبله، وقوله: وغمط الناس يقال: غمطت حق فلان إذا احتقرته ولم تره شيئا وكذا معنى غمصته أي انتقصت به وازدريته. قوله عز وجل: