للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود فأخبرناه بما قالوا قال فما رددتم عليهم قلنا لم نرد عليهم شيئا قال هلا قلتم لهم أمن أهل الجنة أنتم إن المؤمنين هم أهل الجنة؟ وقال سفيان الثوري: من زعم أنه مؤمن حقا عند الله ثم لم يشهد أنه في الجنة فقد آمن بنصف الآية دون النصف الآخر.

الوجه الرابع: إن قولنا أنا مؤمن إن شاء الله للتبرك لا للشك فهو كقوله صلى الله عليه وسلم «وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» مع العلم القطعي أنه لاحق بأهل القبور.

الوجه الخامس: إن المؤمن لا يكون مؤمنا حقا إلا إذا ختم له بالإيمان ومات عليه وهذا لا يحصل إلا عند الموت، فلهذا السبب حسن أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. فالمراد صرف هذا الاستثناء إلى الخاتمة. وأجاب أصحاب هذا القول، وهم أصحاب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنهم، عن استدلال أصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنهم بقولهم: إن المتحرك لا يجوز أن يقول أنا متحرك إن شاء الله بأن الفرق بين وصف الإنسان بكونه مؤمنا وبين وصفه بكونه متحركا أن الإيمان يتوقف حاله على الخاتمة والحركة فعل يقيني فحصل الفرق بينهما والجواب عن الوجه الثاني وهو قولهم إنه سبحانه وتعالى قال: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا فقد حكم لهم بكونهم مؤمنين حقا أنه تعالى حكم للموصوفين بتلك الصفات المذكورة في الآية بكونهم مؤمنين حقا إذا أتوا بتلك الأوصاف الخمسة ولا يقدر أحد أن يأتي بتلك الأوصاف على الحقيقة ونحن نقول أيضا إن من أتى بتلك الأوصاف على الحقيقة كان مؤمنا حقا ولكن لا يقدر على ذلك أحد والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

وقوله تعالى: لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يعني لهم مراتب بعضها أعلى من بعض لأن المؤمنين تتفاوت أحوالهم في الأخذ تلك الأوصاف المذكورة فلهذا تتفاوت مراتبهم في الجنة لأن درجات الجنة على قدر الأعمال. قال عطاء: درجات الجنة يرتقون فيها بأعمالهم، وقال الربيع بن أنس: درجات الجنة سبعون درجة ما بين الدرجتين حضر الفرس المضمر سبعين سنة وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام» أخرجه الترمذي وله عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم» وَمَغْفِرَةٌ يعني ولهم مغفرة لذنوبهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ يعني ما أعدّ لهم في الجنة وصفه بكونه كريما لأن منافعه حاصلة لهم دائمة عليهم مقرونة بالإكرام والتعظيم.

[سورة الأنفال (٨): الآيات ٥ الى ٧]

كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (٧)

قوله سبحانه وتعالى: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ اختلفوا في الجالب لهذه الكاف ما هو؟ فقال المبرد: تقديره قل الأنفال لله والرسول وإن كرهوا كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن كرهوا. وقيل: معناه امض لأمر ربك في الأنفال وإن كرهوا كما مضيت لأمر ربك في الخروج من البيت لطلب العير وهم كارهون.

وقيل: معناه فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن ذلك خير لكم كما أن إخراج محمد صلى الله عليه وسلم من بيته بالحق هو خير لكم وإن كرهه فريق منكم. وقيل: هو راجع لقوله سبحانه وتعالى: لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ تقديره وعد الله المؤمنين بالدرجات حق حتى ينجزه الله تعالى كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وأنجز الوعد بالنصر والظفر.

وقيل: هي متعلقة بما بعدها تقديره كما أخرجك ربك من بيتك بالحق على كره فريق منهم كذلك يكرهون القتال ويجادلونك فيه. وقيل: الكاف بمعنى على أي امض على الذي أخرجك ربك من بيتك بالحق فإنه حق. وقيل:

الكاف بمعنى القسم تقديره والذي أخرجك ربك من بيتك وجوابه يجادلونك في الحق. وقيل: الكاف بمعنى إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>