للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ويخبرون الناس به أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً أي مكرا بك ليهلكوك فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ أي المجزيون بكيدهم والمعنى أن ضرر كيدهم يعود عليهم ويحيق مكرهم بهم وهو أنهم مكروا به في دار الندوة ليقتلوه فقتلوا ببدر أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يعني يرزقهم وينصرهم سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ المعنى: أنه نزه نفسه عما يقولون.

قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً هذا جواب لقولهم فأسقط علينا كسفا من السماء يقول لو عذبناهم بسقوط قطعة من السماء عليهم لم ينتهوا عن كفرهم يَقُولُوا لمعاندتهم هذا سَحابٌ مَرْكُومٌ أي بعضه على بعض يسقينا فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا أي يعاينوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ أي يموتون ويهلكون.

[سورة الطور (٥٢): الآيات ٤٦ الى ٤٩]

يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)

يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ أي لا ينفعهم كيدهم يوم الموت ولا يمنعهم من العذاب مانع وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أي كفروا عَذاباً دُونَ ذلِكَ أي عذابا في الدنيا قبل عذاب الآخرة قال ابن عباس يعني القتل يوم بدر وقيل: هو الجوع والقحط سبع سنين وقيل: هو عذاب القبر وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أي أن العذاب نازل بهم.

قوله عز وجل: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ أي إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمنا عليهم به فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا.

أي بمرأى منا.

قال ابن عباس: نرى ما يعمل بك. وقيل: معناه إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إليك بمكروه وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ أي: وقل حين تقوم من مجلسك: سبحانك اللهم وبحمدك فإن كان المجلس خيرا ازددت بذلك إحسانا وإن كان غير ذلك كان كفارة لك.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم:

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا كان كفارة لما بينهما» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

وقال ابن عباس: معناه حين تقوم من منامك. وقيل: هو ذكر الله بالليل من حين تقوم من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة وعن عاصم بن حميد قال: «سألت عائشة بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قيام الليل فقالت سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا وسبح عشرا وهلل عشرا واستغفر عشرا وقال اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني وكان يتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة» أخرجه أبو داود والنسائي وقيل: إذا قمت إلى الصلاة فقل سبحانك اللهم وبحمدك يدل عليه ما روي عن عائشة قالت «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا افتتح الصلاة قال سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك وجل ثناؤك ولا إله غيرك» أخرجه الترمذي وأبو داود وقد تكلم في أحد رواته.

وقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ أي فصلّ له يعني صلاة المغرب والعشاء وَإِدْبارَ النُّجُومِ يعني الركعتين قبل صلاة الفجر ذلك حين تدبر النجوم أي تغيب بضوء الصبح هذا قول أكثر المفسرين يدل عليه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال «إدبار النجوم الركعتان قبل الفجر وإدبار السجود الركعتان بعد المغرب» أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب. وقيل: إدبار النجوم هي فريضة صلاة الصبح (ق) عن جبير بن مطعم قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ في المغرب بالطور» والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>