للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدو كانت تحارب وتناضل عنه قالَ الله تعالى أَلْقِها يا مُوسى أي انبذها واطرحها.

قال وهب: ظن موسى أنه يقول ارفضها فَأَلْقاها أي فطرحها على وجه الرفض ثم حانت منه نظرة فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ صفراء من أعظم ما يكون من الحيات تَسْعى أي تمشي بسرعة على بطنها وقال في موضع آخر كأنها جان، وهي الحية الصغيرة الجسم الخفيفة وقال في موضع آخر ثعبان وهو أكبر ما يكون من الحيات ووجه الجمع أن الحية اسم جامع للكبير والصغير والذكر والأنثى فالجان عبارة عن ابتداء حالها فإنها كانت حية على قدر العصا، ثم كانت تتورم وتنتفخ حتى صارت ثعبانا وهو انتهاء حالها، وقيل إنها كانت في عظم الثعبان وسرعة الجان، قال محمد بن إسحاق: نظر موسى فإذا العصا حية من أعظم ما يكون من الحيات، وصارت شعبتاها شدقين لها، والمحجن عنقا وعرفا يهتز كالنيازك، وعيناها تتقدان كالنار تمر بالصخرة العظيمة مثل الخفة من الإبل، فتلقمها وتقصف الشجرة العظيمة بأنيابها ويسمع لأنيابها صريفا عظيما، فلما عاين ذلك موسى ولّى مدبرا وهرب، ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم نودي يا موسى أقبل وارجع حيث كنت، فرجع وهو شديد الخوف قالَ خُذْها يعني بيمينك وَلا تَخَفْ قيل كان خوفه لما عرف ما لقي آدم من الحية، وقيل لما قال له ربه لا تخف بلغ من طمأنينة نفسه وذهاب الخوف عنه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى أي إلى هيئتها فنردها عصا كما كانت، وقيل كان على موسى مدرعة صوف قد خللها بعود فلما قال الله تعالى خذها لف طرف المدرعة على يده فأمره الله تعالى أن يكشف يده فكشفها. وذكر بعضهم أنه لما لف كم المدرعة على يده قال له ملك أرأيت لو أمر الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك شيئا؟؟ قال: لا ولكني ضعيف من ضعف خلقت. قال فكشف عن يده ثم وضعها في فم الحية فإذا هي عصا كما كانت ويده في شعبتيها في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ. قال المفسرون:

أراد الله تعالى أن يري موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق ولئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون قوله تعالى وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ يعني إلى إبطك وقيل تحت عضدك تَخْرُجْ بَيْضاءَ يعني نيرة مشرقة مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يعني من غير عيب والسوء ها هنا بمعنى البرص قال ابن عباس: كان ليده نور ساطع يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر آيَةً أُخْرى أي دلالة أخر على صدقك سوى العصا لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى قال ابن عباس: كانت يد موسى أكبر آياته. قوله عز وجل:

[سورة طه (٢٠): الآيات ٢٤ الى ٤٠]

اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)

وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣)

وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥) قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨)

أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠)

اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى يعني جاوز الحد في العصيان والتمرد وإنما خص فرعون بالذكر مع أن موسى كان مبعوثا إلى الكل لأنه ادعى الإلهية وتكبر متبوعا فكان ذكره الأولى قال وهب: قال الله تعالى لموسى اسمع كلامي واحفظ وصيتي وانطلق برسالتي وإنك بعيني وسمعي وإن معك يدي وبصري وإني ألبسك حلة من

<<  <  ج: ص:  >  >>