عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمعناه وزاد فنزلت هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم إلى قوله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ينزل الله الغيث فيقولون الكوكب كذا وكذا وفي رواية بكوكب كذا وكذا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال شكركم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا» وفي رواية بكوكب كذا وكذا أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب.
قوله في أثر سماء أي أثر مطر والنوء الكوكب يقال ناء النجم ينوء إذا سقط وغاب وقيل ناء إذا نهض وطلع واختلف العلماء في معنى الحديث وكفر من قال مطرنا بنوء كذا على قولين أحدهما أنه كفر بالله تعالى سالب لأصل الإيمان مخرج عن ملة الإسلام وذلك فيمن قال ذلك معتقدا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ للمطر كما كان بعض الجاهلية يزعم فمن اعتقد هذا فلا شك في كفره، وهذا القول هو الذي ذهب إليه جماهير العلماء منهم الشافعي وهو ظاهر الحديث وعلى هذا لو قال مطرنا بنوء كذا وكذا وهو معتقد أن إيجاد المطر من الله ورحمته وأن النوء ميقات له ومراده إنا مطرنا في وقت طلوع نجم كذا ولم يقصد إلى فعل النجم كما جاء عن عمر أنه استسقى بالمصلى ثم نادى العباس كم بقي من نوء الثريا؟ فقال إن العلماء يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعا بعد وقوعها فو الله ما مضت تلك السبع حتى غيث الناس وإنما أراد عمركم بقي من الوقت الذي جرت العادة أنه إذا تم أتى الله بالمطر فهذا جائز لا كفر فيه واختلفوا في كراهية هذا والأظهر أنها كراهية تنزيه لا إثم فيها ولا تحريم وسبب هذه الكراهة أنها كلمة مترددة بين الكفر وغيره فيساء الظن بقائلها ولأنها من شعار الجاهلية ومن سلك مسلكهم، والقول الثاني في تأويل أصل الحديث أن المراد بالكفر كفر النعمة لله تعالى لاقتصاره على إضافة الغيث إلى الكواكب وهذا جار فيمن لا يعتقد تدبير الكواكب ويؤيد هذا التأويل حديث أبي هريرة «ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين» فقوله بها يدل على أنه كفر بالنعمة والله أعلم.
قوله تعالى: فَلَوْلا أي فهلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ أي النفس أو الروح إلى الحلقوم عند الموت وَأَنْتُمْ يعني يا أهل الميت حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ يعني إلى الميت متى تخرج نفسه وقيل تنظرون إلى أمري وسلطاني لا يمكنكم الدفع ولا تملكون شيئا.
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ أي بالعلم والقدرة والرؤية وقيل ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إلى الميت منكم وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ أي الذين حضروه من الملائكة لقبض روحه وقيل لا تبصرون أي لا تعلمون ذلك فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ أي مملوكين وقيل محاسبين ومجزيين تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي تردون نفس هذا الميت إلى جسده بعد ما بلغت الحلقوم فأجاب عن قوله فلولا إذا بلغت الحلقوم وعن قوله فلولا إن كنتم غير مدينين بجواب واحد وهو قوله ترجعونها والمعنى إن كان الأمر كما تقولون إنه لا بعث ولا حساب ولا إله يجازي فهلا تردون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله تعالى فآمنوا به ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وبين درجاتهم فقال تعالى: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ يعني السابقين. فَرَوْحٌ أي فله روح وهو الراحة وقيل فله فرح وقيل رحمة وَرَيْحانٌ أي وله استراحة وقيل رزق وقيل هو الريحان الذي يشم قال أبو العالية لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يؤتى بغصن