أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي قال أو قد فعلت قالت نعم قال أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك» الوليدة الجارية وَالْيَتامى اليتيم هو الذي لا أب له مع الصغر وقيل: يقع على الصغير والبالغ أي وآتى الفقراء من اليتامى وَالْمَساكِينَ جمع مسكين سمي بذلك لأنه دائم السكون إلى الناس لأنه لا شيء له وَابْنَ السَّبِيلِ يعني المسافر المنقطع عن أهله سمي المسافر ابن السبيل لملازمته الطريق، وقيل هو الضيف ينزل بالرجل لأنه إنما وصل إليه من السبيل وهو الطريق والأول أشبه لأن ابن السبيل اسم جامع جعل للمسافر وَالسَّائِلِينَ يعني الطالبين المستطعمين. عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«للسائل حق ولو جاء على فرس» أخرجه أبو داود عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعطوا السائل ولو جاء على فرس» أخرجه مالك في الموطأ عن أم نجيد قالت: قلت يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فلم أجد شيئا أعطيه إياه قال:
«إن لم تجدي إلّا ظلفا محرقا فادفعيه إليه في يده» أخرجه أبو داود والترمذي. وقال حديث حسن صحيح. وفي رواية مالك في الموطأ عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«ردوا المسكين ولو بظلف محرق» قوله ردوا المسكين، لم يرد به رد الحرمان وإنما أراد به ردوه بشيء تعطونه إياه ولو كان ظلفا وهو خف الشاة وفي كونه محرقا مبالغة في قلة ما يعطي وَفِي الرِّقابِ يعني المكاتبين. وقيل: هو فك النسمة وعتق الرقبة وفداء الأسارى وَأَقامَ الصَّلاةَ يعني المفروضة في أوقاتها وَآتَى الزَّكاةَ يعني الواجبة وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ يعني ما أخذه الله من العهود على عباده بالقيام بحدوده والعمل بطاعته. وقيل: أراد بالعهد ما يجعله الإنسان على نفسه ابتداء من نذر وغيره.
وقيل: العهد الذي كان بينه وبين الناس مثل الوفاء بالمواعيد وأداء الأمانات إِذا عاهَدُوا يعني إذا وعدوا أنجزوا وإذا نذروا أوفوا وإذا حلفوا بروا في أيمانهم وإذا قالوا صدقوا في أقوالهم وإذا ائتمنوا أدوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ أي في الشدة والفقر والفاقة وَالضَّرَّاءِ يعني المرض والزمانة وَحِينَ الْبَأْسِ يعني القتال والحرب في سبيل الله. وسمي الحرب بأسا لما فيه من الشدة (ق) عن البراء قال كنا والله إذا احمر البأس نتقي به وأن الشجاع منا الذي يحاذي به يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله احمر البأس: أي اشتد الحرب ونتقي به أي نجعله وقاية لنا من العدو أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا أي أهل هذه الأوصاف هم الذين صدقوا في إيمانهم وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ قوله عز وجل:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى نزلت في حيين من أحياء العرب اقتتلوا في الجاهلية بسبب قتيل، فكانت بينهم قتلى وحروب وجراحات كثيرة، ولم يأخذ بعضهم من بعض حتى جاء الإسلام. وقيل نزلت في الأوس والخزرج، وكان لأحد الحيين طول على الآخر في الكثرة والشرف وكانوا ينكحون نساءهم بغير مهر، وأقسموا لنقتلن بالعبد منا الحر منهم وبالمرأة منا الرجل منهم وبالرجل منا الرجلين، وجعلوا جراحاتهم ضعفي جراحات أولئك فرفعوا أمرهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله هذه الآية وأمره بالمساواة فرضوا وسلموا. وقيل:
إنما نزلت هذه الآية لإزالة الأحكام التي كانت قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أن اليهود كانوا يوجبون القتل فقط بلا عفو والنصارى يوجبون العفو بلا قتل والعرب في الجاهلية كانوا يوجبون القتل تارة ويوجبون أخذ الدية تارة وكانوا يتعدون في الحكمين فإن وقع القتل على شريف قتلوا به عددا ويأخذون دية الشريف أضعاف دية الخسيس، فلما بعث محمد صلّى الله عليه وسلّم أوجب الله رعاية العدل وسوى بين عباده في حكم القصاص فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ أي فرض عليكم الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى. فإن قلت: كيف يكون القصاص فرضا