ابن عباس لأخذناه بالقوة والقدرة قال الشماخ يمدح عرابة ملك اليمن:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
أي بالقوة فعبر عن القوة باليمين لأن قوة كل شيء في ميامنه. والمعنى لأخذنا منه اليمين أي سلبناه القوة فعلى هذا المعنى الباء زائدة. وقيل معنى الآية ذللناه وأهناه كفعل السلطان بمن يريد أن يهينه، يقول لبعض أعوانه خذ بيده فأقمه. وإنما خص اليمين بالذكر لأنه أشرف العضوين.
ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ قال ابن عباس يعني نياط القلب، وقيل هو حبل الظهر. وقيل هو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب فإذا انقطع مات صاحبه. وقيل هو عرق يتصل من القلب بالرأس، قال ابن قتيبة لم يرد أنا نقطعه بعينه بل المراد منه أنه لو كذب علينا لأمتناه فكان كمن قطع وتينه والمعنى أنه لو كذب علينا وتقول علينا قولا لم نقله لمنعناه من ذلك إما بواسطة إقامة الحجة عليه بأن نقيض له من يعارضه ويظهر للناس كذبه فيكون ذلك إبطالا لدعواه، وإما أن نسلب عنه قوة التكلم بذلك القول الكذب حتى لا يشتبه الصادق بالكاذب، وإما أن نميته، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ أي مانعين يحجزوننا عن عقوبته والمعنى أن محمدا لا يتكلم الكذب علينا لأجلكم مع علمه أنه لو تكلمه لعاقبناه ولا يقدر أحد على دفع عقوبتنا عنه وإنما قال حاجزين بلفظ الجمع وهو وصف أحد ردا على معناه وَإِنَّهُ يعني القرآن وذلك أنه لما وصفه بأنه تنزيل من رب العالمين بواسطة جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بين ما هو فقال تعالى: لَتَذْكِرَةٌ أي لعظة لِلْمُتَّقِينَ أي لمن اتقى عقاب الله وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ فيه وعيد لمن كذب بالقرآن وَإِنَّهُ يعني القرآن لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ يعني يوم القيامة والمعنى أنهم يندمون على ترك الإيمان به لما يرون من ثواب من آمن به وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ معناه أنه حق معين لا بطلان فيه ويقين لا شك ولا ريب فيه فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أي نزه ربك العظيم واشكره على أن جعلك أهلا لإيحائه إليك، والله سبحانه وتعالى أعلم.