قوله عز وجل: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ أي وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم يوم القيامة. نزلت في منكري البعث وإنما ذكر الله هذا الاقتراب لما فيه من المصلحة للمكلفين، فيكونون أقرب إلى التأهب له، والمراد بالناس المحاسبون وهم المكلفون دون غيرهم، وقيل هم المشركون وهذا من باب إطلاق اسم الجنس على بعضه وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ أي عن التأهب له وقيل معناه أنهم غافلون عن حسابهم ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم مع اقتضاء عقولهم أنه لا بد من جزاء المحسن والمسيء ثم إذا نبهوا من سنة الغفلة بما يتلى من الآيات والنذر أعرضوا عنه ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ يعني ما يحدث الله من تنزيل شيء من القرآن يذكرهم ويعظهم به وقيل معناه إن الله يحدث الأمر بعد الأمر فينزل الآية بعد الآية والسورة بعد السورة في وقت الحاجة لبيان الأحكام وغيرها من الأمور والوقائع وقيل الذكر المحدث ما قاله النبي صلّى الله عليه وسلّم وبينه من السنن والمواعظ سوى ما في القرآن وأضافه إليه لأن الله تعالى قال وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ أي لاعبين لا يعتبرون ولا يتعظون لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ أي ساهية معرضة غافلة عن ذكر الله وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أي بالغوا في إخفاء التناجي وهم الذين أشركوا ثم بين سرهم الذي تناجوا به، فقال تعالى مخبرا عنهم هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يعني أنهم أنكروا إرسال البشر وطلبوا إرسال الملائكة والأولى إرسال البشر إلى البشر لأن الإنسان إلى القبول من أشكاله أقرب أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ يعني أتحضرون السحر وتقبلونه وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ يعني تعلمون أنه سحر قالَ لهم محمد رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ