للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تَعْلَمُونَ

وقيل معناه يعلم ما في قلب من يحب أن تشيع الفاحشة فيجازيه على ذلك وأنتم لا تعلمون ذلك وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ يعني لولا إنعامه عليكم لعاجلكم بالعقوبة قال ابن عباس يريد مسطحا وحسان بن ثابت وحمنة وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ يعني آثاره ومسالكه وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ يعني بالقبائح من الأقوال والأفعال وكل ما يكره الله عزّ وجلّ والآية عامة في حق كل أحد لأن كل مكلف ممنوع من ذلك وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً يعني ما طهر ولا صلح والآية عند بعض المفسرين على العموم قالوا أخبر الله تعالى أنه لولا فضله ورحمته بالعصمة ما صلح منكم أحد وقيل الخطاب للذين خاضوا في الإفك ومعناه ما طهر من هذا الذنب ولا صلح أمره بعد الذي فعل. وهذا قول ابن عباس قال معناه ما قبل توبة أحد منكم أبدا وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يعني يطهر مَنْ يَشاءُ من الذنب بالرحمة والمغفرة وَاللَّهُ سَمِيعٌ يعني لأقوالكم عَلِيمٌ يعني بما في قلوبكم قوله:

[سورة النور (٢٤): الآيات ٢٢ الى ٢٦]

وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)

وَلا يَأْتَلِ يعني ولا يحلف من الألية وهي القسم أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ يعني الغنى يعني أبا بكر الصديق أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني مسطحا وكان مسكينا مهاجرا بدريا ابن خالة أبي بكر الصديق حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه فأنزل الله هذه الآية وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا يعني عن خوض مسطح في أمر عائشة أَلا تُحِبُّونَ يخاطب أبا بكر أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فلما قرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبي بكر قال بل أنا أحب أن يغفر الله لي ورجع إلى مسطح بنفقته التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها عنه أبدا. وفي الآية أدلة على فضل أبي بكر الصديق لأن الفضل المذكور في الآية ذكره تعالى في معرض المدح وذكره بلفظ الجمع في قوله أولوا الفضل وقوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم وهذا يدل على علو شأنه ومرتبته منها أنه احتمل الأذى من ذوي القربى ورجع عليه بما كان ينفقه عليه وهذا من أشد الجهاد لأنه جهاد النفس. ومنها أنه تعالى قال في حق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «فاعف عنهم واصفح» وقال في حق أبي بكر: «وليعفوا وليصفحوا» فدل أن أبا بكر كان ثاني اثنين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في جميع الأخلاق. وفي الآية دليل على أن من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ويكفّر عن يمينه ومنه الحديث الصحيح «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه». قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ يعني العفائف الْغافِلاتِ يعني عن الفواحش والغافلة، عن الفاحشة هي التي لا يقع في قلبها فعل الفاحشة وكذلك كانت عائشة رضي الله عنها الْمُؤْمِناتِ وصفها بالمؤمنات لعلو شأنها لُعِنُوا يعني عذبوا فِي الدُّنْيا بالحد وَالْآخِرَةِ يعني وفي الآخرة بالنار وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وهذا في حق عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق، وروي عن حصيف قال قلت لسعيد بن جبير من قذف مؤمنة يلعنه الله في الدنيا والآخرة قال ذاك لعائشة وأزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خاصة دون سائر المؤمنات ليس في ذلك توبة ومن قذف امرأة مؤمنة

<<  <  ج: ص:  >  >>