قوله عز وجل: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ أثنى الله سبحانه وتعالى على نفسه بإنعامه على خلقه وعلم عباده كيف يثنون عليه، ويحمدونه على أجزل نعمائه عليهم وهي الإسلام وما أنزل على عبده محمد صلّى الله عليه وسلّم من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم وفوزهم وخص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالذكر لأن إنزال القرآن كان نعمة عليه على الخصوص وعلى سائر الناس على العموم وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً أي لم يجعل له شيئا من العوج قط والعوج في المعاني، كالعوج في الأعيان والمراد نفي الاختلاف والتناقض عن معانيه وقيل معناه لم يجعله مخلوقا روي عن ابن عباس في قوله تعالى:«قرآنا عربيا غير ذي عوج» قال غير مخلوق.
قَيِّماً أي مستقيما وقال ابن عباس: عدلا، وقيل قيما على الكتب كلّها مصدقا لها وناسخا لشرائعها لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً معناه لينذر الذين كفروا بأسا شديدا وهو قوله سبحانه وتعالى بعذاب بئيس مِنْ لَدُنْهُ أي من عنده وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً يعني الجنة ماكِثِينَ فِيهِ أي مقيمين فيه أَبَداً وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ أي بالولد وباتخاذه يعني أن قولهم لم يصدر عن علم بل عن جهل مفرط. فإن قلت اتخاذ الله ولدا في نفسه محال فكيف قيل ما لهم به من علم. قلت انتفاء العلم يكون للجهل بالطريق الموصل إليه وقد يكون في نفسه محالا لا يستقيم تعلق العلم به وَلا لِآبائِهِمْ أي ولا لأسلافهم من قبل كَبُرَتْ أي عظمت كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ أي هذا الذي يقولونه لا تحكم به عقولهم