للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتما، وأجيب عن حديث عائشة فرض الله الصلاة ركعتين بأن معناه فرضت ركعتين أولا وزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار عليها وثبت جواز الإتمام بدليل آخر فوجب المصير إليه ليمكن الجمع بين الأحاديث ودلائل الشرع.

المسألة الثانية: اختلف في صلاة المسافر إذا صلى ركعتين ركعتين هل هي مقصورة أم غير مقصورة فذهب قوم إلى أنها غير مقصورة وإنما فرض صلاة المسافر ركعتان تمام غير قصر يروى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله وإليه ذهب سعيد بن جبير والسدي وأبو حنيفة فعلى هذا يكون معنى القصر المذكور في الآية هو تخفيف ركوعها وسجودها. وقد تقدم الجواب عنه وذهب قوم إلى أنها مقصورة وليست بأصل، وهو قول مجاهد وطاوس، وإليه ذهب الشافعي وأحمد.

المسألة الثالثة: ذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور، إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح وشرط بعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو جهاد أو سفر طاعة، ولا يجوز القصر في سفر المعصية، وقال أبو حنيفة والثوري يجوز ذلك.

المسألة الرابعة: اختلف العلماء في مسافة القصر فقال داود وأهل الظاهر يجوز القصر في قصير السفر وطويله وروي ذلك عن أنس أيضا وقال عمرو بن دينار قال لي جابر بن زيد أقصر بعرفة. وأما عامة أهل العلم فإنهم لا يجوزون القصر في السفر القصير واختلفوا في حد الطويل الذي يجوز فيه القصر. فقال الأوزاعي مسيرة يوم وكان ابن عمرو وابن عباس يقصران ويفطران في مسيرة أربعة برد هي ستة عشر فرسخا وإليه ذهب مالك وأحمد وإسحاق وقول الحسن والزهري قريب من ذلك فإنهما قالا مسيرة يومين، وإليه ذهب الشافعي فقال مسيرة ليلتين قاصدتين ستة عشر فرسخا كل فرسخ ثلاثة أميال فتكون ثمانية وأربعين ميلا بالهاشمي والميل ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون إصبعا معترضة معتدلة والأصبع ست شعيرات معترضات معتدلات، وقال الثوري وأبو حنيفة وأهل الكوفة لا قصر في أقل من ثلاثة أيام.

(فصل) قيل قوله تعالى: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا كلام متصل بما بعده منفصل عما قبله وتقديره وإن خفتم روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال نزل قوله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ هذا القدر ثم بعد حول سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن صلاة الخوف فنزل: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ الآية ومثل هذا في القرآن كثير يجيء الخبر بتمامه ثم ينسق عليه خبر آخر هو في الظاهر كالمتصل به وهو منفصل عنه. قوله عز وجل:

[[سورة النساء (٤): آية ١٠٢]]

وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٠٢)

وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ الآية روي عن ابن عباس وجابر أن المشركين لما رأوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه قاموا إلى الظهر يصلون جميعا ندموا أن لا كانوا أكبوا عليهم فقال بعضهم لبعض دعوهم

<<  <  ج: ص:  >  >>