معنى هذه الآية: لمحمد صلّى الله عليه وسلّم حراس من الرحمن من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من شر الجن وطوارق الليل والنهار. وقال عبد الرحمن بن زيد: نزلت هذه الآية في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة، وهما من بني عامر بن زيد وكانت قصتهما على ما رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. قال: «أقبل عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وهما من بني عامر بن زيد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في المسجد في نفر من أصحابه فدخل المسجد فاستشرف الناس لجمال عامر، وكان من أجمل الناس وكان أعور فقال: يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك، فقال: دعه فان يرد الله به خيرا يهده فأقبل حتى قام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال: لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين. قال: تجعل الأمر لي بعدك؟ قال ليس ذلك لي إنما ذلك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء. قال: فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟ قال: لا قال: فما تجعل لي؟
قال: أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها. قال: أو ليس ذلك لي اليوم قم معي أكلمك فقام معه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان عامر قد أوصى إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف، فجعل عامر يخاصم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويراجعه ودار أربد من خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليضربه، فاخترط شبرا من سيفه ثم حبسه الله تعالى عليه فلم يقدر على سله، وجعل عامر يومئ إليه فالتفت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرأى أربد وما صنع بسيفه، فقال: اللهم اكفنيهما بما شئت فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صحو قائظ فأحرقته فولى عامر هاربا وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد، والله لأملأنها عليك خيلا جردا وشبابا مردا. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: يمنعني الله من ذلك وابنا قيلة يريد الأوس والخزرج، فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم إليه سلاحه، فخرج له خراج في أصل أذنه أخذه منه مثل النار فاشتد عليه فقال غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية، ثم ركب فرسه وجعل يركض في الصحراء، ويقول: ادن يا ملك الموت وجعل يقول الشعر، ويقول لئن أبصرت محمدا وصاحبه يعني ملك الموت لأنفذتهما برمحي فأرسل الله إليه ملكا فلطمه، فأرداه في التراب ثم عاد فركب جواده حتى مات على ظهره، وأجاب الله عز وجل دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عامر بن الطفيل فمات بالطعن، وأربد بن ربيعة مات بالصاعقة وأنزل الله عز وجل في شأن هذه القصة سواء منكم من أسر القول، ومن جهر به إلى قوله له معقبات من بين يديه، ومن خلفه يعني لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم معقبات يحفظونه من بين يديه، ومن خلفه من أمر الله أي بأمر الله وقيل: إن تلك المعقبات من أمر الله، وفيه تقديم وتأخير تقديره له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، وقوله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ خطاب لهذين عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة، يعني لا يغير ما بقوم من العافية والنعمة التي أنعم بها عليهم حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ يعني: من الحالة الجميلة فيعصون ربهم، ويجحدون نعمه عليهم فعند ذلك تحل نقمته بهم، وهو قوله تعالى وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً يعني هلاكا وعذابا فَلا مَرَدَّ لَهُ يعني لا يقدر أحد أن يرد ما أنزل الله بهم من قضائه وقدره وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ يعني وليس لهم من دون الله من وال يلي أمرهم ونصرهم ويمنع العذاب عنهم قوله عز وجل:
هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً لما خوف الله عز وجل عباده بقوله: وإذا أراد الله بقوم سوءا ذكر في هذه الآية من عظيم قدرته ما يشبه النعم من وجه يشبه العذاب من وجه، فقال تعالى: هو الذي يعني هو الذي يريكم البرق والبرق معروف، وهو لمعان يظهر من خلال السحاب وفي كونه خوفا وطمعا وجوه: الأول إن عند