عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ إلى قوله فاسقون ثم قال «كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ثم لتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا» زاد في رواية أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم أخرجه أبو داود وأخرجه الترمذي عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم وآكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم: ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال «لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا» قال الترمذي: هذا الحديث حسن غريب قوله أكيله وشريبه وقعيده هو المؤاكل والمشارب والمقاعد فعيل بمعنى فاعل وقوله: لتأطرنه، الأطر العطف يعني لتعطفنه ولتردنه إلى الحق الذي خالفه والقصر والقهر على الشيء.
قوله عز وجل: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يعني من اليهود مثل كعب بن الأشرف وأصحابه يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: يوالون المشركين من أهل مكة وذلك حين خرجوا إليهم ليجيشوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس: معناه ترى كثيرا من المنافقين يتولون اليهود لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ يعني بئس ما قدموا من العمل لمعادهم في الآخرة أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يعني بما فعلوا من موالاة الكفار وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ يعني في الآخرة أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ يعني بما فعلوا من موالاة الكفار وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ يعني في الآخرة وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ يعني ولو كان هؤلاء الذين يتولون الكفار يؤمنون بالله ويصدقون بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه نبي مبعوث إلى كافة الخلق وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ يعني ويؤمنون بالقرآن الذي أنزل إليه من ربه مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ يعني ولكن أكثرهم خارجون عن طاعة الله وأمره وإنما قال كثيرا لأنه علم أن منهم من سيؤمن مثل عبد الله بن سلام وأصحابه.
قوله تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا اللام في قوله لتجدن لام القسم تقديره والله يا محمد إنك لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا بك وصدقوك اليهود والذين أشركوا ووصف الله شدة عداوة اليهود وصعوبة إجابتهم إلى الحق وجعلهم قرناء المشركين عبدة الأصنام في العداوة للمؤمنين وذلك حسدا منهم للمؤمنين وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ووصف لين عريكة النصارى وسهولة قبولهم الحق. قال بعضهم: مذهب اليهود أنه يجب عليهم إيصال الشر والأذى إلى من خالفهم في الدين بأي طريق كان مثل القتل ونهب المال بأنواع المكر والكيد والحيل، ومذهب النصارى خلاف اليهود، فإن الإيذاء في مذهبهم حرام، فحصل الفرق بين اليهود والنصارى. وقيل: إن اليهود مخصوصون بالحرص الشديد على الدنيا وطلب الرياسة ومن كان كذلك كان شديد العداوة لغيره.
وأما النصارى، فإن فيهم من هو معرض عن الدنيا ولذتها وترك طلب الرياسة ومن كان كذلك فإنه لا يحسد أحدا ولا يعاديه بل يكون لين العريكة في طلب الحق لهذا قال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ يعني من النصارى