للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فصل: في فضل شهر رمضان وفضل صيامه) (ق) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا دخل شهر رمضان صفدت الشياطين وفتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار» الصفد الغل أي شدت بالأغلال (ق) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. قوله إيمانا واحتسابا أي طلبا لوجه الله تعالى وثوابه وقيل إيمانا بأنه فرض عليه، واحتسابا ثوابه عند الله وقيل: معناه نية وعزيمة وهو أن يصوم على التصديق به والرغبة في ثوابه طيبة بها نفسه غير كارهة (ق) عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: «إلّا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك» زاد في رواية «والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإن شتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم». قوله: كل عمل ابن آدم له معناه أن له فيه حظا لاطلاع الخلق عليه إلّا الصوم فإنه لا يطلع عليه أحد وإنما خص الصوم بقوله تعالى لي وإن كانت جميع الأعمال الصالحة له وهو يجزى عليها لأن الصوم لا يظهر من ابن آدم بقول ولا فعل حتى تكتبه الحفظة وإنما هو من أعمال القلوب بالنية ولا يطلع عليه إلّا الله تعالى لقول الله تعالى: إنما أتولى جزاءه على ما أحب لا على حساب ولا كتاب له. وقوله:

وللصائم فرحتان فرحة عند فطره أي بالطعام لما بلغ به من الجوع لتأخذ النفس حاجتها منه وقيل فرحة بما وفق له من إتمام الصوم الموعود عليه بالثواب وهو قوله: وفرحة عند لقاء ربه لما يرى من جزيل ثوابه. وقوله:

ولخلوف بضم الخاء وفتحها لغتان وهو تغير طعم الفم وريحه لتأخير الطعام ومعنى كونه أطيب عند الله من ريح المسك هو الثناء على الصائم والرضا بفعله، لئلا يمتنع من المواظبة على الصوم الجالب للخلوف والمعنى أن خلوف فم الصائم أبلغ عند الله في القبول من ريح المسك عند أحدكم. قوله: الصيام جنة أي حصن من المعاصي لأن الصوم يكسر الشهوة فلا يواقع المعاصي قوله فلا يرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الإنسان من المرأة، وقيل:

هو التصريح بذكر الجماع. والصخب الضجر والجلبة والصياح (ق) عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«إن في الجنة بابا يقال له باب الريان يدخل منه الصائمون يوم القيام يقال أين الصائمون فيقومون. لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد وفي رواية إن في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلّا الصائمون» عن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به قال:

«عليك بالصوم فإنه لا مثل له» وفي رواية: «أي العمل أفضل فقال عليك بالصوم فإنه لا عدل له» أخرجه النسائي.

[[سورة البقرة (٢): آية ١٨٦]]

وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)

قوله عز وجل: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ قال ابن عباس قال يهود المدينة: يا محمد كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام وأن غلظ كل سماء مثل ذلك فنزلت هذه الآية.

وقيل سأل بعض الصحابة النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه وقيل إنهم سألوه في أي ساعة ندعو ربنا فنزلت. وقيل: إنهم قالوا أين ربنا؟ فنزلت هذه الآية وهذا السؤال لا يخلو إما أن يكون عن ذات الله أو عن صفاته أو عن أفعاله أما السؤال عن ذات الله فهو سؤال عن القرب والبعد بحسب الذات، وأما السؤال عن صفاته تعالى فهو أن يكون السائل سأل هل يسمع ربنا دعاءنا، وأما السؤال عن أفعاله تعالى فهو أن يكون السائل سأل هل يجيب ربنا إذا دعوناه؟ فقوله تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فيحتمل هذه الوجوه كلها، وقوله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>