تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ورد في معرض المبالغة أُولئِكَ يعني المفترين على الكذب يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ يعني يوم القيامة فيسألهم عن أعمالهم في الدنيا وَيَقُولُ الْأَشْهادُ يعني الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم، قاله مجاهد وقال ابن عباس: هم الأنبياء والرسل وبه قال الضحاك وقال قتادة: الأشهاد الخلق كلهم هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ يعني: في الدنيا وهذه الفضيحة تكون في الآخرة لكل من كذب على الله أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ يعني يقول الله ذلك يوم القيامة فيلعنهم ويطردهم من رحمته (ق). عن صفوان بن محرز المازني قال: بينما ابن عمر يطوف بالبيت إذ عرض له رجل فقال يا أبا عبد الرحمن أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «يدنو المؤمن من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه تعرف ذنب كذا وكذا فيقول أعرف رب أعرف مرتين فيقول سترتها عليه في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته» وفي رواية «ثم تطوى صحيفة حسناته» وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد وفي رواية «فينادى بهم على رؤوس الأشهاد من الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» قوله سبحانه وتعالى: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ هذه الآية متصلة بما قبلها والمعنى ألا لعنة الله على الظالمين ثم وصفهم فقال الذين يصدون عن سبيل الله يعني يمنعون الناس من الدخول في دين الله الذي هو دين الإسلام وَيَبْغُونَها عِوَجاً يعني ويطلبون إلقاء الشبهات في قلوب الناس وتعويج الدلائل الدالة على صحة دين الإسلام وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ يعني وهم مع صدهم عن سبيل الله يجحدون البعث بعد الموت وينكرونه أُولئِكَ يعني من هذه صفتهم لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ قال ابن عباس يعني سابقين وقيل هاربين وقيل فائتين في الأرض والمعنى أنهم لا يعجزون الله إذا أرادهم بالعذاب والانتقام منهم ولكنهم في قبضته وملكه لا يقدرون على الامتناع منه إذا طلبهم وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يعني وما كان لهؤلاء المشركين من أنصار يمنعونهم من دون الله إذا أراد بهم سوءا وعذابا يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ يعني في الآخرة يزاد عذابهم بسبب صدهم عن سبيل الله وإنكارهم البعث بعد الموت ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ قال قتادة صموا عن سماع الحق فلا يسمعون خيرا فينتفعون به ولا يبصرون خيرا فيأخذون به.
وقال ابن عباس أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أحال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فإنه قال ما كانوا يستطيعون السمع وهي طاعته وما كانوا يبصرون وأما في الآخرة فإنه قال لا يستطيعون خاشعة أبصارهم.
يعني أن هؤلاء الذين هذه صفتهم هم الذين غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ
يعني وبطل كذبهم وإفكهم وفريتهم على الله وادعاؤهم أن الملائكة والأصنام تشفع لهم لا جَرَمَ يعني حقا وقال الفراء لا محالة أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ لأنهم باعوا منازلهم في الجنة واشتروا عوضها منازل في النار وهذا هو الخسران المبين.
قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ لما ذكر الله عز وجل أحوال الكفار