للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل معناه ما خلقناهما عبثا لا لشيء ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني أهل مكة هم الذين ظنوا أنما خلقناهم لغير شيء وأنه لا بعث ولا حساب فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ قيل إن كفار قريش قالوا للمؤمنين إنما نعطي في الآخرة من الخير ما تعطون فنزلت هذه الآية أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ يعني الذين اتقوا الشرك وهم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم كَالْفُجَّارِ يعني الكفار والمعنى لا نجعل الفريقين سواء في الآخرة.

[سورة ص (٣٨): الآيات ٢٩ الى ٣٢]

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩) وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢)

كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ أي هذا كتاب يعني القرآن أنزلناه إليك مُبارَكٌ أي كثير خيره ونفعه لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ أي ليتدبروا ويتفكروا في أسراره العجيبة ومعانيه اللطيفة وقيل تدبر آياته اتباعه في أوامره ونواهيه وَلِيَتَذَكَّرَ أي وليتعظ أُولُوا الْأَلْبابِ أي ذوو العقول والبصائر.

قوله تعالى: وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ قيل إن سليمان عليه الصلاة والسلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ما أصاب وهو ألف فرس وقيل ورثها من أبيه وقيل إنها كانت خيلا من البحر لها أجنحة فصلى سليمان عليه الصلاة والسلام الصلاة الأولى التي هي الظهر وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه فعرض عليه منها تسعمائة فرس فتنبه لصلاة العصر فإذا الشمس قد غربت وفاتت الصلاة ولم يعلم بذلك هيبة له فاغتمّ لذلك وقال ردّوها عليّ فأقبل يضرب سوقها وأعناقها بالسيف تقربا إلى الله تعالى وطلبا لمرضاته حيث اشتغل بها عن طاعته وكان ذلك مباحا له وإن كان حراما علينا وبقي منها مائة فرس فالذي في أيدي الناس من الخيل يقال إنه من نسل تلك المائة فلما عقرها الله تعالى أبدله الله تعالى خيرا منها وأسرع وهي الريح تجري بأمره كيف شاء، وقوله تعالى: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ قيل هي الخيل القائمة على ثلاث قوائم مقيمة الرابعة على طرف الحافر من رجل أو يد وقيل الصافن القائم وجاء في الحديث «من سرّه أن يقوم له الناس صفونا فليتبوأ مقعده من النار» أي قياما الجياد: أي الخيار السراع في الجري واحده جواد قال ابن عباس يريد الخيل السوابق فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ أي آثرت حب الخير وأراد بالخير الخيل سميت به لأنه معقود في نواصيها الخير الأجر والغنيمة وقيل حب الخير يعني المال ومنه الخيل التي عرضت عليه عَنْ ذِكْرِ رَبِّي يعني صلاة العصر حَتَّى تَوارَتْ أي استترت الشمس بِالْحِجابِ أي ما يحجبها من الأبصار يقال إن الحجاب جبل دون قاف بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه.

[سورة ص (٣٨): الآيات ٣٣ الى ٣٤]

رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤)

رُدُّوها عَلَيَّ أي ردوا الخيل علي فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ جمع ساق وَالْأَعْناقِ أي جعل يضرب سوقها وأعناقها بالسيف، هذا قول ابن عباس وأكثر المفسرين وكان ذلك مباحا له لأن نبي الله سليمان لم يكن ليقدم على محرم ولم يكن ليتوب عن ذنب وهو ترك الصلاة بذنب آخر وهو عقر الخيل، وقال محمد بن إسحاق: لم يعنفه الله تعالى على عقره الخيل إذ كان ذلك أسفا على ما فاته من فريضة ربه عز وجلّ، وقيل إنه ذبحها وتصدق بلحومها. وقيل معناه إنه حبسها في سبيل الله تعالى وكوى سوقها وأعناقها بكي الصدقة. وحكي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: معنى ردوها عليّ يقول بأمر الله تعالى للملائكة الموكلين بالشمس ردوها

<<  <  ج: ص:  >  >>