وَلا يَصُدَّنَّكُمُ أي لا يصرفنكم الشَّيْطانُ أي عن دين الله الذي أمر به إِنَّهُ يعني الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ أي بالنبوة وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ أي من أحكام التوراة وقيل من اختلاف الفرق الذين تحزبوا في أمر عيسى وقيل الذي جاء به عيسى الإنجيل وهو بعض الذي اختلفوا فيه فبين لهم عيسى في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ أي فيما آمركم به إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ أي اختلف الفرق المتحزبة بعد عيسى فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ هَلْ يَنْظُرُونَ أي ينتظرون إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً أي فجأة والمعنى أنها تأتيهم لا محالة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
الْأَخِلَّاءُ أي على الكفر والمعصية في الدنيا يَوْمَئِذٍ يعني يوم القيامة بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أي إن الخلة إذا كانت كذلك صارت عداوة يوم القيامة إِلَّا الْمُتَّقِينَ أي إلا الموحدين المتحابين في الله عز وجل المجتمعين على طاعته، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الآية قال:«خليلان مؤمنان وخليلان كافران مات أحد المؤمنين فقال يا رب إن فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك صلّى الله عليه وسلّم ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ويخبرني أني ملاقيك يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما فيقول ليثن كل منكما على صاحبه فيقول نعم الأخ ونعم الخليل ونعم الصاحب، قال ويموت أحد الكافرين فيقول رب إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك فيقول ليثن كل منكما على صاحبه فيقول بئس الأخ وبئس الخليل وبئس الصاحب».
قوله عز وجل: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ قيل إن الناس حين يبعثون ليس أحد منهم إلا فزع فينادي مناد يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون فيرجوها الناس كلهم فيتبعها الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ فييأس الناس كلهم غير المسلمين فيقال لهم ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ أي تسرون وتنعمون يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ جمع صحفة وهي القصعة الواسعة وَأَكْوابٍ جمع كوب وهو إناء مستدير بلا عروة وَفِيها أي في الجنة ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ عن عبد الرّحمن بن سابط قال «قال رجل يا رسول الله هل في الجنة خيل فإني أحب الخيل قال إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت وسأله آخر فقال يا رسول الله هل في الجنة من إبل فإني أحب الإبل قال فلم يقل ما قال لصاحبه فقال إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك» أخرجه الترمذي وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ.