للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خوخة في سقفها روزنة فرفعه الله من تلك الروزنة وأمر يهودا ملك اليهود رجلا من أصحابه يقال له ططيانوس أن يدخل الخوخة فيقتله ظنوا أنه عيسى فأخذوه وقتلوه وصلبوه. وقال وهب بن منبه: إن اليهود طرقوا عيسى في بعض الليل ونصبوا له خشبة ليصلبوه عليها فأظلمت الأرض وأرسل الله عز وجل الملائكة فحالت بينهم وبينه فجمع عيسى عليه السلام الحواريين تلك الليلة وأوصاهم وقال: ليكفر بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعني بدراهم يسيرة فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأتى أحد الحواريين إلى اليهود وقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه، فلما دخل البيت الذي فيه المسيح ألقى الله شبه عيسى عليه ورفع الله عيسى عليه السلام وأخذ الذي دل عليه فقال: أنا الذي دللتكم عليه فلم يلتفتوا إلى قوله فقتلوه وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى فلما صلب الذي ألقي عليه شبه عيسى جاءت مريم وامرأة أخرى كان عيسى دعا لها فأبرأها الله من الجنون بدعوته فجعلتا تبكيان عند المصلوب فجاءهما عيسى عليه السلام وقال: على من تبكيان إن الله عز وجل قد رفعني ولم يصبني إلّا خير وهذا شيء شبه لهم فلما كان بعد سبعة أيام قال الله تعالى لعيسى أهبط إلى مريم المجدلانية وهو اسم موضع نسبت إليه فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها، ولم يحزن عليك أحد حزنها ثم لتجمع لك الحواريين فبثهم في الأرض دعاة إلى الله عز وجل فأهبطه الله عز وجل إليها فاشتعل الجبل نورا حين هبط فجمعت له الحواريين فبثهم دعاة في الأرض ثم رفعه الله فتلك الليلة التي تدخن فيها النصارى فلما أصبح الحواريون تكلم كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليهم فذلك قوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ يعني وهو أفضل المجازين بالسيئة العقوبة. وقال السدي: إن اليهود حبست عيسى عليه السلام في بيت ومعه عشرة من الحواريين فدخل عليهم رجل منهم كان قد نافق ألقى عليه شبه فأخذ وقتل وصلب وقال قتادة ذكر لنا أن نبي الله عيسى عليه السلام قال لأصحابه أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول فقال رجل منهم: أنا يا نبي الله فقتل ذلك الرجل ومنع الله عيسى ورفعه إليه وكساه الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة الطعم والمشرب وطار مع الملائكة فهو معهم حول العرش وصار إنسا ملكيا أرضيا سماويا. قال أهل التاريخ:

حملت مريم بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة وولدته ببيت لحم من أرض أوري شلم لمضي خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل، وأوحى الله إلى عيسى على رأس ثلاثين سنة ورفعه الله من بيت المقدس ليلة القدر من رمضان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فكانت نبوته ثلاث سنين وعاشت أمه مريم بعد رفعه ست سنين.

قوله عز وجل:

[[سورة آل عمران (٣): آية ٥٥]]

إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥)

إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ اختلفوا في معنى التوفي هنا على طريقين: فالطريق الأول أن الآية على ظاهرها من غير تقديم ولا تأخير وذكروا في معناها وجوها: الأول: معناه أني قابضك ورافعك إلي من غير موت من قولهم توفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته وقبضته تاما، والمقصود منه هنا أن لا يصل أعداؤه من اليهود إليه بقتل ولا غيره. الوجه الثاني: أن المراد بالتوفي النوم ومنه قوله عز وجل: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والتي لم تمت في منامها فجعل النوم وفاة، وكان عيسى قد نام فرفعه الله وهو نائم لئلا يلحقه خوف، فمعنى الآية أني منيمك ورافعك إلى الوجه الثالث أن المراد بالتوفي حقيقة الموت، قال ابن عباس: معناه أني مميتك قال وهب بن منبه: إن الله توفى عيسى ثلاث ساعات من النهار ثم أحياه ثم رفعه إليه وقيل: إن النصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات من النهار ثم أحياه ورفعه إليه. الوجه الرابع: أن الواو في قوله ورافعك إلي لا تفيد الترتيب والآية تدل على أن الله تعالى يفعل به ما ذكر فأما كيف يفعل؟ ومتى يفعل؟ فالأمر فيه موقوف على

<<  <  ج: ص:  >  >>