للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالشّيء الحقير وإن كان عظيما عند صاحبه فكيف يليق بالعاقل أن يفتخر بالشيء الحقير وَعَدَّدَهُ أي أحصاه من العدد، وقيل هو من العدة أي استعده وجعله ذخيرة وغنى له يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ أي يظن أنه يخلد في الدّنيا ولا يموت ليساره وغناه قال الحسن ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت ومعناه أن الناس لا يشكون في الموت مع أنهم يعملون عمل من يظن أنه يخلد في الدّنيا ولا يموت كَلَّا رد عليه أي لا يخلده ماله بل يخلده ذكر العلم، والعمل الصّالح ومنه قول علي: مات خزان المال، وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، وقيل معناه حقا لَيُنْبَذَنَّ واللام في لينبذن جواب القسم فدل ذلك على حصول معنى القسم، ومعنى لينبذن ليطرحن فِي الْحُطَمَةِ أي في النار، وهو اسم من أسمائها مثل سقر ولظى، وقيل هو اسم للدركة الثانية منها وسميت حطمة لأنها تحطم العظام وتكسرها، والمعنى يا أيّها الهمزة اللمزة الذي يأكل لحوم الناس، ويكسر من أعراضهم إن وراءك الحطمة التي تأكل اللحوم وتكسر العظام وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ أي نار لا كسائر النيران نارُ اللَّهِ إنما أضافها إليه على سبيل التفخيم والتعظيم لها الْمُوقَدَةُ أي لا تخمد أبدا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أوقد على النّار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة» أخرجه التّرمذي قال ويروى عن أبي هريرة موقوفا وهو أصح الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ أي يبلغ ألمها ووجعها إلى القلوب، والمعنى أنها تأكل كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد، وإنما خص الفؤاد بالذكر لأنه ألطف شيء في بدن الإنسان، وأنه يتألم بأدنى شيء، فكيف إذا اطلعت عليه واستولت عليه، ثم إنه مع لطافته لا يحترق إذ لو احترق لمات صاحبه، وليس في النار موت، وقيل إنما خصه بالذكر لأن القلب موطن الكفر، والعقائد، والنيات الفاسدة. إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ أي مطبقة مغلقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ قال ابن عباس: أدخلهم في عمد فمدت عليهم بعماد وفي أعناقهم السلاسل سدت عليهم بها الأبواب، وقال قتادة: بلغنا أنهم عمد يعذبون بها في النّار، وقيل هي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار، والمعنى أنها مطبقة عليهم بأوتاد ممدودة، وقيل أطبقت الأبواب عليهم ثم سدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع عليهم غمها وحرها، فلا ينفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح، وممددة صفة العمد، أي مطولة فتكون أرسخ من القصيرة نعوذ بالله من النار، وحرها والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>