ومما يوضح ما ذكرنا: أن قوله: {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} موصول، وصلته جملة فعلية، وقد تقرر عند علماء النحو في المذهب الصحيح المشهور: أن الصفة الصريحة كاسم الفاعل واسم المفعول الواقعة صلة "أل" بمثابة الفعل مع الموصول. ولذا عمل الوصف المقترن بـ "أل" الموصولة في الماضي؛ لأنه بمنزلة الفعل، كما أشار له في "الخلاصة" بقوله:
وإن يكن صلة أل ففي المضي ... وغيره إعماله قد ارتضي
فإذا حققت ذلك علمت أنَّ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بمثابة ما لو قلت: وطعام المؤتين الكتاب، بصيغة اسم المفعول، ولم يقل أحد: إنَّ مفهوم اسم المفعول مفهوم لقب، لاشتماله على أمر هو المصدر يصلح أن يكون المتصف به مقصودًا للمتكلم دون غيره، كما ذكروا في مفهوم الصفة.
فظهر أن إيتاء الكتاب صفة خاصة بهم دون غيرهم، وهي العلة في إباحة طعامهم ونكاح نسائهم، فادعاء أنها مفهوم لقب سهوٌ ظاهر.
وظهر أن التحقيق أن المفهوم في قوله:{الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} مفهوم علة، ومفهوم العلة قسم من أقسام مفهوم الصفة، فالصفة أعم من العلة.
وإيضاحه -كما بينه القرافي-: أن الصفة قد تكون مكملة للعلة لا علة تامة؛ كوجوب الزكاة في السائمة، فإن علته ليست السوم