منطوق خاص لا ما هو من أفراد العام، فالمفهوم مقدم عليه؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما.
واعتمد التخصيص صاحب "مراقي السعود" في قوله -في مبحث الخاص في الكلام على المخصصات المنفصلة-:
واعتبرَ الإجماعَ جلُّ الناس ... وقسمي المفهوم كالقياس
ومثال التخصيص بمفهوم المخالفة: تخصيص قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "في أربعين شاة شاة"، الذي يشمل عمومُه السائمةَ والمعلوفةَ، بمفهوم قوله:"في الغنم السائمة زكاة" عند من لا يرى الزكاة في المعلوفة، وهم الأكثر؛ لأنه يفهم منه أن غير السائمة لا زكاة فيها، فيخصص بذلك عموم:"في أربعين شاة شاة". والعلم عند اللَّه تعالى.
المسألة الرابعة: ما صاده الكتابي بالجوارح والسلاح حلالٌ للمسلم؛ لأن العقر ذكاة الصيد. وعلى هذا القول الأئمة الثلاثة، وبه قال عطاء والليث والأوزاعي وابن المنذر وداود وجمهور العلماء، كما نقله عنهم النووي في "شرح المهذب".
وحجة الجمهور واضحة، وهي قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}، وخالف مالك وابن القاسم ففرقا بين ذبح الكتابي وصيده مستدلين بقوله تعالى:{تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}[المائدة/ ٩٤]؛ لأنه خص الصيد بأيدي المسلمين ورماحهم دون غير المسلمين.
قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: الذي يظهر لي -واللَّه أعلم- أن هذا الاحتجاج لا ينهض على الجمهور، وأن الصواب مع الجمهور.