للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد جاءت آية تدل على أن من جالسهم كان مثلهم في الإثم، وهي قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا} إلى قوله: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء/ ١٤٠].

اعلم أولًا أن في معنى قوله: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} وجهين للعلماء:

الأول: أن المعنى: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ} مجالسة الكفار عند خوضهم في آيات اللَّه من حساب الكفار من شيء.

وعلى هذا الوجه فلا إشكال في الآية أصلًا.

الوجه الثاني: أن معنى الآية: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ} ما يقع من الكفار من الخوض فى آيات اللَّه في مجالستهم لهم من شيء.

وعلى هذا القول فهذا الترخيص في مجالسة الكفار للمتقين من المؤمنين كان في أول الإسلام للضرورة، ثم نسخ بقوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}.

وممن قال بالنسخ فيه: مجاهد والسدي وابن جريج وغيرهم، كما نقله عنهم ابن كثير.

فظهر أن لا إشكال على كلا القولين.

ومعنى قوله تعالى: {وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩)} على الوجه الأول: أنهم إذا اجتنبوا مجالسيهم سلموا من الإثم، ولكن الأمر باتقاء مجالستهم عند الخوض في الآيات لا يسقط وجوب تذكيرهم ووعظهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، لعلهم

<<  <   >  >>