للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله: {خَيْرًا} نكرة في سياق الشرط، فهي تعم، فلو كان فيهم خيرًا ما في وقتٍ ما لعلمه اللَّه.

وقوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام/ ٢٨]، وعَوْدُهم بعد معاينة العذاب لا يستغرب بعده عَوْدُهم بعد مباشرة العذاب؛ لأن رؤية العذاب عيانًا كالوقوع فيه، لا سيما وقد قال تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)} [ق/ ٢٢]، وقال: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} الآية [مريم/ ٣٨].

وعذاب الكفار للإهانة والانتقام لا للتطهير والتمحيص، كما أشار تعالى بقوله: {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [البقرة/ ١٧٤]، وبقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)} [آل عمران/ ١٧٨]. والعلم عند اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} الآية [الأنعام/ ١٤٨].

هذا الكلام الذي قالوه -بالنظر إلى ذاته- كلامٌ صدقٌ لا شك فيه؛ لأن اللَّه لو شاء لم يشركوا به شيئًا، ولم يحرموا شيئًا مما لم يحرمه كالبحائر والسوائب.

وقد قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام/ ١٠٧]، وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة/ ١٣]، وقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام/ ٣٥].

وإذا كان هذا الكلام الذي قاله الكفار حقًّا فما وجه تكذيبه تعالى لهم بقوله: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ

<<  <   >  >>