للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تقرر في مسلك النص من مسالك العلة أن الفاء من حروف التعليل، كقولهم: سها فسجد، أي: سجد لعلة سهوه. وسرق فقطعت يده، أي: لعلة سرقته.

فقوله: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤)} أي: وجب وقوع الوعيد عليهم لعلة تكذيب الرسل. ونظيرها قوله تعالى: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (١٤)} [ص/ ١٤].

ومن الأدلة الصريحة في ذلك: تصريحه تعالى بأن قوله لا يبدل فيما أوعد به أهل النار، حيث قال: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)} [ق/ ٢٨ - ٢٩].

ويستأنس لذلك بظاهر قوله تعالى: {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ إلى قوله إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [لقمان/ ٣٣]، وقوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧)} [الطور/ ٧].

فالظاهر أن الوعيد الذي يجوز إخلافه وعيدُ عصاة المؤمنين؛ لأن اللَّه بين ذلك بقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء/ ٤٨].

فإذا تبين بهذه النصوص بطلان جميع هذه الأقسام، تعيَّن القسم الخامس الذي هو خلودهم فيها أبدًا بلا انقطاع ولا تخفيف، بالتقسيم والسبر الصحيح.

ولا غرابة في ذلك؛ لأن خبثهم الطبيعي دائم لا يزول، فكان جزاؤهم دائمًا لا يزول.

والدليل على أن خبثهم لا يزول قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ

<<  <   >  >>