للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يخفى أن قوله: {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} وقوله: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} كلاهما فعل في سياق النفي، فحرف النفي ينفي المصدر الكامن في الفعل، فهو في معنى: لا تخفيف للعذاب عنهم، ولا تفتير له. والقول بفنائها يلزمه تخفيف العذاب وتفتيره المنفيان في هذه الآيات، بل يلزمه ذهابهما رأسًا، كما أنه يلزمه نفي ملازمة العذاب المنصوص عليها بقوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧)}، وقوله {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) وإقامتِه المنصوصِ عليها بقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧)}.

فظاهر هذه الآيات عدم فناء النار المصرح به في قوله: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧)} [الإسراء/ ٩٧].

وما احتج به بعض العلماء من أنه لو فُرِضَ أن اللَّه أخبر بعدم فنائها أن ذلك لا يمنع فناءها؛ لأنه وعيد وإخلاف الوعيد من الحسن لا من القبيح، وأن اللَّه تعالى ذكر أنه لا يخلف وعده، ولم يذكر أنه لا يخلف وعيده؛ وأن الشاعر قال:

وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلفُ إيعادي ومنجز موعدي

فالظاهر عدم صحته؛ لأمرين:

الأول: أنه يلزمه جواز ألا يدخل النار كافر؛ لأن الخبر بذلك وعيد، وإخلافه على هذا القول لا بأس به.

الثاني: أنه تعالى صرح بحق وعيده على من كذَّب رسله حيث قال: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤)} [ق/ ١٤].

<<  <   >  >>