وعليه، فالمعنى: ما منعك من السجود، فأحوجك أن لا تسجد إذ أمرتك؟
وهذا الذي اختاره ابن جرير، قال ابن كثير: إنه حسن قوي.
ومن أجوبتهم: أن "لا" صلة. ويدل له قوله تعالى في سورة ص:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ} الآية [ص/ ٧٥].
وقد وعدنا فيما مضى أنَّا -إن شاء اللَّه- نبين القول بزيادة "لا" مع شواهده العربية في الجمع بين قوله: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١)} البلد/ ١] وبين قوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)} [التين/ ٣].
هذه الآية الكريمة يتوهم خلاف ما دلت عليه من ظاهر آية أخرى، وهي قوله تعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} الآية [الإسراء/ ١٦].
والجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه:
الأول -وهو أظهرها-: أن معنى قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أي بطاعة اللَّه وتصديق الرسل {فَفَسَقُوا} أي: بتكذيب الرسل ومعصية اللَّه تعالى. فلا إشكال في الآية أصلًا.
الثاني: أن الأمر في قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أمر كوني قدري، لا أمر شرعي. أي: قدَّرنا عليهم الفسق بمشيئتنا.