{حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} فجعل كلتا الدارين ظرفًا لبطلان أعمالهم واضمحلالها، وسيأتي -إن شاء اللَّه- تحقيق هذا المقام في سورة هود.
الوجه الرابع: أن معنى قوله {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} أي: يُسْلِمون. أي: وما كان اللَّه معذبهم وقد سبق في علمه أن منهم من يسلم ويستغفر اللَّه من كفره.
وعلى هذا القول فقوله:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ} في الذين سبقت لهم الشقاوة، كأبي جهل وأصحابه الذين عذبوا بالقتل يوم بدر.
ونقل ابن جرير معنى هذا القول عن عكرمة ومجاهد.
وأما ما رواه ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري من أن قوله:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ} ناسخ لقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} فبطلانه ظاهر؛ لأن قوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ} الآية، خبرٌ من اللَّه بعدم تعذيبه لهم في حالة استغفارهم، والخبر لا يجوز نسخه شرعًا بإجماع المسلمين.