أي: أي شيء ثبث لهم يدفع عنهم عذاب اللَّه وقد خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنون من بين أظهرهم؟ !
فالآية على هذا كقوله:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّه بِأَيْدِيكُمْ}[التوبة/ ١٤].
الوجه الثالث: أن المراد بقوله: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} كفار مكة.
وعليه، فوجه الجمع: أن اللَّه تعالى يرد عنهم العذاب الدنيوي بسبب استغفارهم، أما عذاب الآخرة فهو واقع بهم لا محالة.
فقوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} أي: في الدنيا في حالة استغفارهم، وقوله:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ} أي: في الآخرة وقد كانوا كفارًا في الدنيا.
ونقل ابن جرير هذا القول عن ابن عباس.
وعلى هذا القول فعمل الكافر ينفعه في الدنيا، كما فسر به جماعة قوله تعالى:{وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ}[النور/ ٣٩] أي: أثابه من عمله الطيب في الدنيا، وهو صريح قوله تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} الآية [هود/ ١٥].
وقولُه تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}[آل عمران/ ٢٢] وقوله: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان/ ٢٣] ونحو ذلك من الآيات، يدل على بطلان عمل الكافر من أصله، كما أوضحه تعالى بقوله: