للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: أن معنى قوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)} أي: داع يدعوهم ويُرشدهم، إما إلى خير كالأنبياء، وإما إلى شرٍّ كالشياطين. أي: وأنت يا رسول اللَّه مُنذرٌ هادٍ إلى كل خير.

وهذا القول مرويٌّ عن ابن عباس، من طريق علي بن أبي طلحة.

وقد جاء في القرآن استعمال الهدى في الإرشاد إلى الشرِّ أيضًا، كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٤)} [الحج/ ٤]، وقوله تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)} [الصافات/ ٢٣] وقوله تعالى: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} [النساء/ ١٦٨ - ١٦٩]. كما جاء في القرآن أيضًا إطلاق الإِمام على الداعي إلى الشرِّ، في قوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص/ ٤١] الآية.

الثاني: أن معنى الآية: أنت يا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- منذر، وأنا هادي كل قوم.

ويُروى هذا عن ابن عباس من طريق العوفي، وعن محمد وسعيد بن جبير والضحاك وغير واحد. قاله ابن كثير.

وعلى هذا القول، فقوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)} يعني به نفسه جلَّ وعلا. ونظيره في القرآن قوله تعالى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} [فاطر/ ١٤] يعني نفسه، كما قاله قتادهٌ. ونظيره من كلام العرب قول قتادة بن سلمة الحنفي:

ولئن بقيتُ لأرحلنَّ بغزوةٍ ... تحوي الغنائمَ أو يموت كريمُ

<<  <   >  >>