وكثيرًا ما يُطلق في القرآن اسم القوم على الأُمَّة، كقوله:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}[الأعراف/ ٥٩]، وقوله:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ}[الأعراف/ ٦٥]، وقوله:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ}[الأعراف/ ٧٣]، ونحو ذلك.
وعلى هذا القول، فالمراد بالقوم في قوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (٧)} أعمُّ من مُطلَق ما يصدُق عليه اسم القوم لغةً.
ومما يوضّح ذلك: حديث معاوية بن حيدة القشيري -رضي اللَّه عنه- في السنن والمسانيد:"أنتم تُوَفُّون سبعين أمّة. . . " الحديث.
ومعلومٌ أن ما يُطلق عليه اسم القوم لغةً، أكثر من سبعين بأضعاف.
وحاصل هذا الوجه الرابع: أن الآية كقوله: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤)} [فاطر/ ٢٤]، وقوله:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ}[يونس/ ٤٧]. وهذا لا إشكال فيه؛ لحصر الأُمَم في سبعين، كما بيَّن في الحديث. فآباء القوم الذين لم يُنْذَرُوا مثلًا، المذكورون في قوله:{لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ}[يس/ ٦] ليسوا أُمَّة مستقلَّة، حتى يرد الإشكال في عدم إنذارهم، مع قوله: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤)}، بل هم بعض أُمَّة.