للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبهذا الجمع تتفق الأدلة، فيكون أهل الفترة معذورين، وقوم منهم من أهل النار بعد الامتحان، وقوم منهم من أهل الجنة بعده أيضًا، ويحمل كل واحد من القولين على بعضٍ منهم عَلِمَ اللَّه مصيرهم، وأعلم به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيزول التعارض.

والدليل على هذا الجمع: ورود الأخبار به عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} -بعد أن ساق الأحاديث الدالة على عذرهم وامتحانهم يوم القيامة، رادًّا على ابن عبد البر تضعيف أحاديث عذرهم وامتحانهم- ما نصُّه: والجواب عما قال: إن أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح، كما نص على ذلك كثير من أئمة العلماء، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف يتقوي بالصحيح والحسن، وإذا كان أحاديث الباب الواحد متصلة متعاضدة على هذا النمط أفادت الحجة عند الناظر فيها. انتهى محل الغرض بلفظه.

ثم قال: إن هذا قال به جماعة من محققي العلماء والحفاظ والنقاد.

وما احتج به البعض لرد هذه الأحاديث من أن الآخرة دار جزاء لا دار عمل وابتلاء، فهو مردود من وجهين:

الأول: أن ذلك لا تُرَدُّ به النصوص الصحيحة عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو سلمنا عموم ما قال من أن الآخرة ليست دار عمل، لكانت الأحاديث المذكورة مخصصة لذلك العموم.

<<  <   >  >>