لا يخفى أنه من سؤل موسى الذي قال له ربه إنه آتاه إياه بقوله: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى (٣٦)} [طه/ ٣٦]، وذلك صريح في حَلِّ العقدة من لسانه.
وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على بقاء شيء من الذي كان بلسانه، كقوله تعالى: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (٥٢)} [الزخرف/ ٥٢]، وقوله تعالى عن موسى:{وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ} الآية [القصص/ ٣٤].
والجواب: أن موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- لم يسأل زوال ما كان بلسانه بالكلية، وإنما سأل زوال القدر المانع من أن يفقهوا قوله، كما يدل عليه قوله: {يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)} [طه/ ٢٨].
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧)} [طه/ ٢٧] ما نصه: وما سأل أن يزول ذلك بالكلية، بل بحيث يزول العِيُّ ويحصل لهم فهم ما يريد منه، وهو قدر الحاجة، ولو سأل الجميع لزال، ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بحسب الحاجة، ولهذا بقيت بقية.
قال تعالى إخبارًا عن فرعون أنه قال: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (٥٢)} أي يفصح بالكلام.
وقال الحسن البصري: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧)}، قال: حل عقدة واحدة، ولو سأل أكثر من ذلك أُعْطِيَ.