للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امرأة نوح ولوط وامرأة فرعون.

وعليه، فالغالب تقييض كل من الطيبات والطيبين والخبيثات والخبيثين لجنسه وشكله الملائم له في الخبث أو الطيب، مع أنه تعالى ربما قيض خبيثة لطيِّب كامرأة نوح ولوط، أو طيبة لخبيث كامرأة فرعون؛ لحكمة بالغة، كما دل عليه قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُو}، وقوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا} مع قوله: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت/ ٤٣].

فدل ذلك على أن تقييض الخبيثة للطيب أو الطيبة للخبيث فيه حكمة لا يعقلها إلا العلماء؛ وهي في تقييض الخبيثة للطيب: أن يبين للناس أن القرابة من الصالحين لا تنفع الإنسان، وإنما ينفعه عمله. ألا ترى أن أعظم ما يدافع عنه الإنسان زوجته، وأكرم الخلق على اللَّه رسله، فدخول امرأة نوح وامرأة لوط النار، كما قال تعالى: {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)} [التحريم/ ١٠] فيه أكبرُ واعظٍ وأعظمُ زاجرٍ عن الاغترار بالقرابة من الصالحين، والإعلامُ بأن الإنسان إنما ينفعه عمله، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} الآية [النساء/ ١٢٣].

كما أن دخول امرأة فرعون الجنة يُعْلَمُ منه أن الإنسان إذا دعته الضرورة لمخالطة الكفار من غير اختياره، وأحسن عمله وصبر على القيام بدينه، أنه يدخل الجنة ولا يضره خبث الذين يخالطهم ويعاشرهم، فالخبيث خبيث وإن خالط الصالحين، كامرأة نوح

<<  <   >  >>