للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولوط، والطيب طيب وإن خالط الأشرار، كامرأة فرعون. ولكن مخالطة الأشرار لا تجوز اختيارًا، كما دلت عليه أدلة أخر.

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور/ ٣٩].

لا يخفى ما يسبق إلى الذهن فيه من أن الضمير في قوله: {جَاءَهُ} يدل على شيء موجود واقع عليه المجيء؛ لأن وقوع المجيء على العدم لا يُعْقَل. ومعلومٌ أن الصفة الإضافية لا تتقوم إلا بين متضائفين، فلا تدرك إلا بإدراكهما، فلا يعقل وقوع المجيء بالفعل إلا بإدراك فاعل وقع منه المجيء، وقوله تعالى: {لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} يدل على عدم وجود شيء يقع عليه المجيء في قوله تعالى: {جَاءَهُ}.

والجواب عن هذا من وجهين ذكرهما ابن جرير في تفسير هذه الآية، قال: فإن قال قائل: وكيف قيل: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}، فإن لم يكن السراب شيئًا، فعلام دخلت الهاء في قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ}؟

قيل: إنه شيء يرى من بعيد، كالضباب الذي يرى كثيفًا من بعيد، والهباء، فإذا قرب منه دَقَّ (١) وصار كالهواء.

وقد يحتمل أن يكون معناه: حتى إذا جاء موضعَ السراب لم يجد السراب شيئًا. فاكتفى بذكر السراب عن ذكر موضعه. انتهى منه بلفظه.


(١) كذا في الأصل. وفي "تفسير الطبري" (١٩/ ١٩٥): "رق" بالراء.

<<  <   >  >>