للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الآية الكريمة تدل على أنه لا ينتفع أحد بعمل غيره.

وقد جاءت آية أخرى تدل على أن بعض الناس ربما انتفع بعمل غيره، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} الآية [الطور/ ٢١]، فرفع درجات الأولاد -سواء قلنا: إنهم الكبار أو الصغار- نفع حاصل لهم، وإنما حصل لهم بعمل آبائهم لا بعمل أنفسهم.

اعلم أولًا: أن ما روي عن ابن عباس من أن هذا كان شرعًا لمن قبلنا، فنسخ في شرعنا = غيرُ صحيح، بل آية: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} محكمة. كما أن القول بأن المراد بالإنسان خصوص الكافر غير صحيح أيضًا.

والجواب من ثلاثة أوجه:

الأول؛ أن الآية إنما دلت على نفي ملك الإنسان لغير سعيه، ولم تدل على نفي انتفاعه بسعي غيره، لأنه لم يقل: وأن لن ينتفع الإنسان إلا بما سعى. وإنما قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ}، وبين الأمرين فرق ظاهر؛ لأن سعي الغير ملكٌ لساعيه إن شاء بذله لغيره فانتفع به ذلك الغير، وإن شاء أبقاه لنفسه.

وقد أجمع العلماء على انتفاع الميت بالصلاة عليه والدعاء له والحج عنه، ونحو ذلك مما ثبت الانتفاع بعمل الغير فيه.

الثاني: أن إيمان الذرية هو السبب الأكبر في رفع درجاتهم، إذ لو كانوا كفارًا لما حصل لهم ذلك، فإيمان العبد وطاعته سعي منه في

<<  <   >  >>