للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أموالهم وتنكح نساؤهم بإجماع المسلمين، وهذه الموتة هي التي أخبر اللَّه نبيه أنه يموتها -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقد ثبت في الصحيح عن صاحبه الصديق -رضي اللَّه عنه- أنه قال لما توفي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بأبي أنت وأمي، واللَّه لا يجمع اللَّه عليك موتتين، أما الموتة التي كتب اللَّه عليك فقد مِتَّها"، وقال: "من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات"، واستدل على ذلك بالقرآن، ورجع إليه جميع أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وأما الحياة التي أثبتها اللَّه للشهداء في القرآن، وحياته -صلى اللَّه عليه وسلم- التي ثبت في الحديث أنه يَرُدُّ بها السلام على من سلم عليه، فكلتاهما حياة برزخية ليست معقولة لأهل الدنيا.

أما في الشهداء فقد نص تعالى على ذلك بقوله: {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)}، وقد فسرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنهم تجعل أرواحهم في حواصل طيور خضر ترتع في الجنة، وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، فهم يتنعمون بذلك.

وأما ما ثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لا يسلم عليه أحد إلا رد عليه اللَّه روحه حتى يرد عليه السلام، وأن اللَّه وكل ملائكة يبلغونه سلام أمته، فإن تلك الحياة -أيضًا- لا يعقل حقيقتها أهل الدنيا؛ لأنها ثابتة له -صلى اللَّه عليه وسلم- مع أن روحه الكريمة في أعلى عليين مع الرفيق الأعلى فوق أرواح الشهداء، فتعلُّقُ هذه الروح الطاهرة -التي هي في أعلى عليين- بهذا البدن الشريف الذي لا تأكله الأرض يعلم اللَّه حقيقته ولا يعلمها الخلق، كما قال في جنس ذلك: {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)}.

<<  <   >  >>