للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كانت كالحياة التي يعرفها أهل الدنيا لَمَا قال الصديق -رضي اللَّه عنه-: إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مات، ولما جاز دفنه، ولا نصب خليفة غيره، ولا قُتِلَ عثمان، ولا اختلف أصحابه، ولا جرى على عائشة ما جرى، ولسألوه عن الأحكام التي اختلفوا فيها بعده كالعول، وميراث الجد والإخوة، ونحو ذلك.

وإذا صرح القرآن بأن الشهداء أحياء في قوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ}، وصرح بأن هذه الحياة لا يعرف حقيقتها أهل الدنيا بقوله: {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)}، وكان النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أثبت حياته في القبر بحيث يسمع السلام ويرده، وأصحابه الذين دفنوه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا تشعر حواسهم بتلك الحياة = عرفنا أنها حياة لا يعقلها أهل الدنيا أيضًا.

ومما يقرب هذا للذهنِ حياةُ النائم، فإنه يخالف الحي في جميع التصرفات مع أنه يدرك الرؤيا ويعقل المعاني. واللَّه تعالى أعلم.

قال العلامة ابن القيم -رحمه اللَّه- في كتاب "الروح" ما نصه: "ومعلوم بالضرورة أن جسده -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأرض طريٌّ مُطرا، وقد سأله الصحابة: "كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ " فقال: "إن اللَّه حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" ولو لم يكن جسده في ضريحه، لما أجاب بهذا الجواب.

وقد صح عنه: أن اللَّه وكل بقبره ملائكة يبلغونه عن أمته السلام، وصح عنه: أنه خرج بين أبي بكر وعمر، وقال: "هكذا نبعث".

هذا مع القطع بأن روحه الكريمة في الرفيق الأعلى في أعلى

<<  <   >  >>