للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} الآية [البقرة/ ١٧٣].

هذه الآية تدل بظاهرها على أن جميع أنواع الدم حرام، ومثلها قوله تعالى في سورة النحل: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} هو [البقرة/ ١٧٣] الآية، وقوله في سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة/ ٣] الآية.

وقد ذكر في آية أخرى ما يدل على أن الدم لا يحرم إلا إذا كان مسفوحًا، وهي قوله تعالى في سورة الأنعام: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} الآية [الأنعام/ ١٤٥].

والجواب: أن هذه المسألة من مسائل تعارض المطلق والمقيد، والجاري على أصول مالك والشافعي وأحمد حمل المطلق على المقيد لا سيما مع اتحاد الحكم والسبب، كما هنا. وسواء عندهم تأخر المطلق عن المقيد -كما هنا- أو تقدم.

وإنما قلنا هنا: إن المطلق متأخر عن المقيد؛ لأن القيد في سورة الأنعام، وهي نزلت قبل النحل، مع أنهما مكيتان إلا آيات معروفة، والدليلِ على أن الأنعام قبل النحل قوله تعالى في النحل: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ} [النحل/ ١١٨] الآية، والمراد به: ما قصَّ عليه في الأنعام بقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام/ ١٤٦] الآية.

وأما كون الأنعام نزلت قبل البقرة والمائدة فواضح؛ لأن الأنعام

<<  <   >  >>