للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكية بالإجماع إلا آيات منها، والبقرة مدنية بالإجماع، والمائدة من آخر ما نزل من القرآن، ولم ينسخ منها شيء لتأخرها.

وعلى هذا فالدم إذا كان غير مسفوح، كالحمرة التي تظهر في القِدْرِ من أثر تقطيع اللحم، فهو ليس بحرام؛ لحمل المطلق على المقيد، وعلى هذا كثير من العلماء.

وما ذكرنا من عدم النسخ في المائدة قال به جماعة. وهو على القول بأن قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} الآية [المائدة/ ٢٤]، وقوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة/ ١٠٦] غير منسوخين صحيحٌ، وعلى القول بنسخهما لا يصح على الإطلاق، والعلم عند اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية [البقرة/ ١٧٤].

هذه الآية تدل بظاهرها على أن اللَّه لا يكلم الكفار يوم القيامة؛ لأن قوله تعالى: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ} فعل في سياق النفي، وقد تقرر في علم الأصول: أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم، وسواء كان الفعل متعديًا أو لازمًا، على التحقيق، خلافًا للغزالي القائل بعمومه في المتعدي دون اللازم.

وخلافُ الإمام أبي حنيفة -رحمه اللَّه- في ذلك خلافٌ في حالٍ لا في حقيقة؛ لأنه يقول: إن الفعل في سياق النفي ليس صيغة للعموم، ولكنه يدل عليه بالالتزام. أي: لأنه يدل على نفي الحقيقة،

<<  <   >  >>