وما ذكره الفراء من أن لفظة "لا" لا تكون صلة إلا في الكلام الذي فيه معنى الجحد، فهو أغلبيٌّ لا يصح على الإطلاق؛ بدليل بعض الأمثلة المتقدمة التي لا جحد فيها، كهذه الآية على القول بأن "لا" فيها صلة، وكبيت ساعدة الهذلي.
وما ذكره الزمخشري من زيادة "لا" في أول الكلام دون غيره، فلا دليل عليه.
الوجه الثاني: أن "لا" نفي لكلام المشركين المكذبين للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوله:{أُقْسِمُ} إثبات مستأنف.
وهذا القول وإن قال به كثير من العلماء، فليس بوجيه عندي؛ لقوله تعالى في سورة القيامة: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)}؛ لأن قوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)} يدل على أنه لم يرد الإثبات المؤتنف بعد النفي بقوله: {أُقْسِمُ}، واللَّه تعالى أعلم.
الوجه الثالث: أنها حرف نفي أيضًا. ووجهه: أن إنشاء القسم يتضمن الإخبار عن تعظيم المُقْسَم به، فهو نفي لذلك الخبر الضمني على سبيل الكناية، والمراد: أنه لا يَعْظُمُ بالقسم، بل هو في نفسه عظيمٌ أُقْسِمَ به أولًا.
وهذا القول ذكره صاحب "الكشاف" وصاحب "روح المعاني"، ولا يخلو عندي مِنْ بُعْدٍ.
الوجه الرابع: أن اللام لام الابتداء أُشْبِعَتْ فتحتُها، والعرب ربما أشبعت الفتحة بألف والكسرة بياء والضمة بواو.