للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التخيير بينه وبين الإطعام، ثم رغب في الصوم مع التخيير بقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة/ ١٨٤]، ثم لما استأنست به النفوس أوجبه إيجابًا حتمًا بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.

وكذلك القتال على هذا القول، لمَّا كان شاقًّا على النفوس أَذنَ فيه أولًا من غير إيجاب بقوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية [الحج/ ٣٩]، ثم أوجب عليهم قتال من قاتلهم دون من لم يقاتلهم بقوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة/ ١٩٠]، ثم لمَّا استأنست نفوسهم بالقتال أوجبه عليهم إيجابًا عامًّا بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} الآية [التوبة/ ٥].

الوجه الثالث -وهو اختيار ابن جرير، ويظهر لي أن الصواب-: أن الآية محكمة، وأن معناها: قاتلوا الذين يقاتلونكم، أي: من شأنهم أن يقاتلوكم. أما الكافر الذي ليس من شأنه القتال، كالنساء والذراري والشيوخ الفانية والرهبان وأصحاب الصوامع ومن ألقى إليكم السَّلَم فلا تعتدوا بقتالهم؛ لأنهم لا يقاتلونكم، ويدل لهذا الأحاديثُ المصرحة بالنهي عن قتل الصبي وأصحاب الصوامع والمرأة والشيخ الهرم إذا لم يستعن برأيه، أما صاحب الرأي فيقتل، كدريد بن الصِّمَّة.

وقد فسر هذه الآية بهذا المعنى عمر بن عبد العزيز -رضي اللَّه عنه- وابن عباس والحسن البصري.

قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الآية [البقرة/ ١٩٤].

<<  <   >  >>